فصل: النظر الثاني: في أحكام التدبير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***


النظر الثاني‏:‏ في أحكام التدبير

وفي الكتاب‏:‏ التدبير لازم إنشاء وتعليقا فإن قال‏:‏ إن اشتريته فهو مدبر، فاشترى بعضه فذلك البعض مدبر، ولشريكه مقاواته لما دخل عليه من العيوب، قال سحنون‏:‏ أو يقدم عليه أو يتماسك لأنه يقول‏:‏ لا أخرج عبدي من يدي إلا بعتق ناجز، قال ابن يونس‏:‏ إنما أمر صلى الله عليه وسلم بالتقويم فيمن تكمل حريته ويشهد ويوارث، وليس التدبير كذلك، ولم يرد الشريك إلا خروج العبد من يد الشريك وتملكه دونه، ويقضي به دينه ويستمتع بها إن كانت أمة، قال اللخمي‏:‏ إذا دبر أحد الشريكين نصيبه قال مالك‏:‏ يخير شريكه بين تدبير نصيبه المقوم على شريكه أو يدبر جميعه كالعتق، وعنه‏:‏ يخير بين ما تقدم أو التمسك به رقيقا أو يقومه فيدبر على الشريك، ولم يذكر المقاواة في الوجهين، ورأى أن الولاء قد ثبت، وهي

تؤدي لنقض التدبير وأثبتها مرة، وخيره بين تدبير نصيبه أو يقومه أو يقاوي شريكه، ولا يتمسك به رقيقا، وعنه‏:‏ التخيير بين الأربعة، والمقاواة ميل إلى بيع المدبر‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا مات وترك مدبرين دبرهم واحدا بعد واحد في صحته أو مرضه أو في مرضه، ثم صح فدبر فهو سواء يقدم الأول فالأول إلى مبلغ الثلث، ويرق الباقي؛ لأن تقدم السبب يعين الاستحقاق أو في كلمة واحدة في صحة أو مرض عتق جميعهم إن حملهم الثلث، وإلا فض عتقهم بالقيمة فيعتق من كل واحد حصة، وإن لم يدع غيرهم عتق ثلث كل واحد لتساويهم في السبب، ولا يسهم بينهم، بخلاف المبتلين في المرض، ويبدأ المدبر في الصحة على المبتل في المرض؛ لأن الحجر يضعفه، ويعتق المدبر في الثلث أو ما حمل منه، وقاله الأئمة، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏المدبر من الثلث‏)‏ وإن لم يدع غيره عتق ثلثه، وإن كان على السيد دين لا يغترقه بيع منه الدين ويعتق ثلث بقيته، وإن اغترقه رق؛ لأن الدين مقدم على العتق إذا تقدم عليه وهو في الحياة، وعتق المدبر بعد الوفاة، فإن بيع فيه فطرأ للميت مال نقض البيع وعتق في ثلثه وما هلك من التركة قبل تقويم المدبر لم يحسبه وكأنه لم يكن، ولو لم يبق إلا المدبر لم يعتق إلا ثلثه، وإلا كان المدبر من الثلث لاتهام السيد أن يستخدم عبده حيلته، ويعتق من رأس ماله فيمنع الميراث الذي قدر الله تعالى‏.‏

وفي المنتقى‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ إذا كتب وصية فبدأ بعبد ثم قام ليشتغل ثم عاد فكتب‏:‏ الآخر هذا فصل ويقدم الأول، قال المخزومي‏:‏ إذا دبر ثم

أغمي عليه، ثم أفاق فدبر آخر‏:‏ يتحاصان ورآهما سواء، وإن قال في مرضه‏:‏ لأنه جعل الجميع في ثلثه، بخلاف الإقرار بالبتل، قال ابن يونس‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ إذا كان عليه دين بيع فيه المدبر الآخر فالآخر إن دبرهم مرتين، قال محمد‏:‏ المدبر في الصحة يقدم على كل وصية من عتق واجب، أو زكاة أو بت في المرض وصداق المريض، ويدخل فيما علم به الميت وما لم يعلم وفيما يبطل من إقرار بدين لوارث، قال ابن القاسم‏:‏ وكذلك المدبر في المرض يدخل فيما لم يعلم به بخلاف المبتل في المرض، وزكاة يوصي بها، قال ابن القاسم‏:‏ إذا اجتمع ما يدخل في الطارئ وما لا يدخل‏:‏ قدم المدبر في الثلث الحاضر، فإن لم يف كمل من الطارئ، وقال عبد الملك‏:‏ يعتق في المالين بالحصص، قال بعض فقهائنا‏:‏ إذا بتل ودبر في المرض في فور واحد تحاصوا عند ضيق الثلث، فما ناب المدبرين عتقوا فيه بالحصص أو المبتلين فبالقرعة، قال اللخمي‏:‏ إذا بتلهم في كلمة أو نسقا بيعوا في الدين بالحصص وعتقوا بعد قضائه بالحصص، وعن ابن نافع‏:‏ إذا قال‏:‏ رقيقي مدبرون ولا مال له غيرهم يقرع بينهم كالمبتلين في المرض، فمن خرج عتق ورق الآخر، وهو الصواب؛ لأنه كله عتق بعد الموت، وإذا ضاق وللسيد دين على حاضر بيع بالنقد أو على غائب قريب الغيبة وهو حال استوى بالعتق حتى يقبض الدين، أو بعيد الغيبة أو حاضر يقدم بيع المدبر للغرماء الآن، فإن قبض الدين والعبد بيد الورثة عتق في ثلث ذلك بعد قضاء الدين، فإن خرج عن أيديهم بيع، قال ابن القاسم‏:‏ لا يعتق، وقال أصبغ‏:‏ يعتق منه، قال‏:‏ وهو ظاهر المدونة والأول أقيس؛ لأن البيع لا ينقضه الغرماء في الحي، وإذا طرأ مال لم يعلم به نقض البيع إن كان في الثلث أو قريب الغيبة، ويختلف في بعيد الغيبة في موضع لو علم به لبيع، ولم ينظر ذلك المال كما تقدم لو علم به، وإن بيع

المدبر ماله عند ابن القاسم‏:‏ لأنه بيع له، وقال يحيى بغير مال، قال‏:‏ وهو الصواب إن لم يرج للسيد مال، وإلا فعلى القول بأنه لا ينقض البيع متى طرأ ذلك المال بيع بغير مال، وعلى النقض يباع بماله، وقاله سحنون فيمن دبر أمة فولدت أولادا فالقول ثم مات السيد وعليه دين يحيط برقبة الأمة ولا مال له يباع للغرماء، ولا ينتظر الأولاد، فإن أتوا بعد ذلك نظر الدين، فإن كان يحيط بأثلاثهم وثلث الأم بيع من كل واحد ثلثه ويعتق ثلث ما بقي من الأم والولد، ويخير مشتريها بين الرد والتمسك، فإن لم يحمل الثلث وبيده مال إن انتزع، وكثرته حمله، قال ابن القاسم‏:‏ لا تنتزع ويعتق منه ما حمل على أن ذلك بيده، وقال ابن وهب‏:‏ ينزع ويعتق، قال مالك‏:‏ فإن دبره في صحته واستثنى ماله جاز، وقال ابن القاسم‏:‏ ليستبد به بعد الموت‏.‏ ويقوم بغير مال، ويحسب ما في يده من مال سيده، فإن مات عن مدبرة في يدها أموال مختلفة‏:‏ فيختلف في النحل، والهبات - كما تقدم - والغلات، والخراج، والجنايات للورثة حملها الثلث أم لا، ويكثر بها مال المعتق إن لم يحملها الثلث فيعتق فيه قولا واحدا، وأما مهرها فقال ابن القاسم‏:‏ يقوم به وقيل الورثة؛ لأنه ثمن نقص منافعها وبعض رقبتها، والأول يرى حق الزوج فيه أو لأنه في معنى الهبة، لأن كلا الزوجين يستمتع بصاحبه، وما أغلب في حياة السيد أو بعد موته أو جني عليها في حياة السيد أو بعد موته سواء ذلك للورثة، وإنما يعتبر ما يحمل المدبر من مال سيده يوم ينظر فيه لا يوم الموت، وإن كان لا يحمله ولم ينظر فيه حتى زاد بالخراج أضيف الخراج إليه، كما يتضرر بالنقص ينتفع بالزيادة، فإن تغيرت قيمة المدبر بزيادة حوالة سوق أو نقص بعيب فلا يعتق إلا ما حمله الثلث في الزيادة، ويعتق جميعه في النقص، وإن ولدت المدبرة بعد موت السيد وقبل أن ينظر في الثلث قال مالك‏:‏ تقوم بولدها، ويعتق منهما ما يحمله الثلث، وإن كان الولد معها يوم الموت فمات والأم قبل النظر في ذلك يحمل الثلث الباقي منهما

عتق جميعه، فإن حاز الورثة بعد موت السيد المال لأنفسهم على وجه التصرف فيه، والثلث يحمل العبد، ثم هلك المال فمصيبته منهم ويعتق جميع العبد، بخلاف إيقاف المال‏.‏

قال محمد‏:‏ وإن ترك أموالا مأمونة عتق بموت السيد قبل النظر والتقويم، فإن هلكت بعد ذلك الأموال لم يرد العتق‏.‏ وفي المنتقى‏:‏ إذا كان للسيد مال حاضر ومال غائب، ولم يف الحاضر بالمدبر قال مالك‏:‏ يوقف المدبر بماله وبما يخرج من خراجه؛ لأن حريته متعلقة بالمالين، فإن كان له دين مؤجل لعشر سنين ونحوها‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ يباع الدين بما يجوز بيعه بخلاف المال الغائب؛ لتعذر ذلك فيه، وإن كان الغريم معدما أو بعد غيبته سقط واعتبر غيره، وفي الجواهر‏:‏ والدين على غائب قريب ينتظر، فإذا حضر بعد ذلك البعيد الغيبة أو أيسر المعدم والعبد بيد الورثة عتق في ثلث ذلك بعد قضاء الدين، فإن خرج من أيديهم بيع، قال ابن القاسم في العتبية‏:‏ ما قضي من الدين دون، قال الشيخ أبو محمد‏:‏ المعروف عن مالك وأصحابه في كل ديوان أنه يعتق منه حيث كان؛ لأن عقد التدبير اقتضاه، قال اللخمي‏:‏ وهو ظاهر الكتاب، والأول أقيس‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ المدبر كالرقيق في خدمته وحده؛ لأنه لا يعتق إلا بعد الموت‏.‏

فرع‏:‏

قال ابن يونس‏:‏ إذا وجد الدين محيطا بالسيد فبيع، ثم طرأ للسيد مال وقد أعتقه المشتري عتق عن الميتة إن حمله الثلث بعد رد ثمنه، وإن لم يحمل إلا بعضه عتق ما حمل منه، وخير المبتاع إن لم يكن أعتقه بين الرد والتمسك بحصته من الثمن إن أعتقه مضى عتق باقيه عليه ورد عليه من الثمن بقدر ما عتق منه عن الميت، ومن قيمة العيب الذي دخله من العتق بقدر ما فوت بالعتق، فإن قيمته غير عتيق ستون، ومعتقا ثلاثة وثلاثون فبين القيمتين ثلاثون فيقبض على ما عتق منه عن المبتاع عشرون، ويرجع بها المبتاع في مال الميت؛ لأنه أخذ ثمنه قاله أصبغ، قال ابن يونس‏:‏ هو مشكل؛ لأنه

عبد دخله استحقاق نفسه، وفات رد جميعه بعتق المشتري، فالصواب أن يقال‏:‏ كم قيمة جميعه يوم البيع‏؟‏ فتكون ستين، وقيمته على أنه معتق‏:‏ ثلاثة وثلاثون فقد نقصه عتق ثلثه نصف قيمته، فيرجع المبتاع بنصف ما دفع كان أقل من قيمته أو أكثر، فإن باعه سيده في صحته فأعتقه المبتاع بعد موته، والثلث يحمله أو نصفه لنقص ذلك على ما تقدم بخلاف عتق المبتاع في حياة البائع يمضي عتقه؛ لأنه لم يكن أصابه من عتق البائع شيء بعد، فإن بيعت المدبرة بعد الموت لدين فأولدها المشتري ثم طرأ مال‏:‏ قال أبو عمران‏:‏ ترد لعتق السيد إن حملها الثلث بالمال الطارئ بعدما عتق؛ لأن إجازة البيع نقل الولاء، وولدها يجري على الخلاف في ولد المستحقة، فإن حمل ثلث الطارئ بعدها عتق منها ما حمل الثلث فالتدبير، وعتق باقيها على مستولدها لتعذر الوطء، ويجري في الولد في النصيب المعتق من أمه الخلاف، وعن سحنون فيمن ترك زوجا وأخاها ومدبرها قيمتها خمسون لم تدع غيرها، ولها على الزوج مائة وخمسون وهو عديم يعتق ثلثها، وللأخ ثلثها يؤخذ منه ذلك للمدبرة وللأخ فيعتق بذلك نصفها، يصير للأخ، فإن باعه الأخ ثم أيسر الزوج رد حتى يعتق جميعها أو بقدر ما أفاد فإن أفاد عند ذلك حتى يحمل، وإن لم يبين للأخ حين باعها‏:‏ أن على الزوج دينها إن أفاد يوما مالا أعتقت منه، ولا يكون ذلك عيبا ترد به؛ لأن الفائدة غير محققة الطريان كالاستحقاق، فإن أفاد الزوج ما لا يعتق فيه بعضها فليس للمشتري الرد إن كان الذي أعتق يسيرا، وإلا رد، قال سحنون‏:‏ مثل أن يبقى من الصفقة يسير كالاستحقاق‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ ولد المدبرة والمدبر من أمته بعد التدبير قبل موت السيد أو بعده بمنزلتها، والمحاصة بين الإماء والأبناء في الثلث، ويعتق محمل الثلث جميعهم بغير قرعة، وإن دبر حاملا فولدها بمنزلتها، وولد أم الولد من غير السيد والمعتقة

والمعتق إلى أجل يلد من أمته، أو المخدمة إلى ستين بمنزلتهم، وولد الموصى يعتقها، والموصى بعتقه من أمته قبل موت سيده رقيق، وما ولد لهم بعد موته بمنزلتهم يعتق من جميعهم محمل الثلث، وإذا لم يدع غير المدبر يعتق ثلثه فولد له من أمته ثم مات وترك مالا أم لا عتق من ولده مثل ما عتق منه، قال ابن يونس‏:‏ روى ابن وهب عن علي وعثمان وزيد وجابر بن عبد الله وابن عمر، وغيرهم رضي الله عنهم‏:‏ أن ولد المدبرة بمنزلتها يرق برقها ويعتق بعتقها، ولأن شأن الولد التبعية في الدين والنسب، ومراده في الكتاب‏:‏ سواء حمل المدبرة قبل التدبير أو بعده، أما ولد المدبر من أمته تحمل به بعد التدبير فهو بمنزلته بخلاف قبله، ويرق لسيده، وما وضعت لستة أشهر فأكثر من يوم التدبير فهو بمنزلته أو لأقل فهو رقيق، وما ولدت المدبرة قبل التدبير فهو رقيق، قال أصبغ‏:‏ فإن استحدث السيد دينا محيطا فلا يباع الولد وهو صغير، ويوقف إلى حد التفرقة أو يموت السيد فيباع مع أمه، وكذلك لو كان الصغير هو المدبر دونها، ويعني أيضا‏:‏ أن الموصى بعتقه إن حملت أمته بعد موت سيده فولدها بمنزلتها أو قبل موته رق، والموصى بعتقها سواء حملت بعد الوصية في حياة السيد فولدته بعد موته، أو كانت حاملا يوم الوصية فولدها بمثلها، والفرق بين ولد المدبرة وولد المدبر من أمته أن أمته ليس فيها عقد تدبير، وإنما عقد في سيدها، فما في ظهر المدبر من ولد قبل التدبير فخروج النطفة من المدبر كولادة المدبرة، وولادة المدبرة كحمل أمة المدبر، وهو الفرق بين الموصى بعتقه، وبين ولد المدبر‏:‏ أن الموصى بعتقها له الرجوع فيها وإنما ينعقد أثرها بالموت، والمدبرة والمعتقة إلى أجل انعقد عتقهما من حين اللفظ لا يستطيع نقصه‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ عقل المدبرة وغلتها لسيدها، وأما مهرها ومالها وما كسبت منه قبل التدبير أو بعده فموقوف بيدها ولسيدها انتزاعه، وانتزاع أم ولد مدبره ما لم يمرض مرضا مخوفا، وينزع مال المعتق إلى أجل ما لم يقرب الأجل، فإن لم ينزع مال المدبرة حتى مات قومت في الثلث بمالها؛ لأنه تبع لها، فإن حمل الثلث بعضها أقر المال بيدها كالمعتق بعضه بتلا، قال ابن يونس‏:‏ قال

مالك‏:‏ قيمة المدبرة مائة، والتركة مائة يعتق نصفها، ويقر مالها بيدها؛ لأن قيمتها بمالها مائتان، وثلث السيد مائة، وهو نصف المائتين التي هي قيمتها بمالها فقد حمل الثلث نصفها، فإن كانت القيمة مائة، ومالها مائتان، ولم يترك السيد شيئا عتق ثلثها وأقر مالها بيدها، وعن يحيى بن سعيد‏:‏ يجمع مالها بمال الميت، فإن خرجت من الثلث‏:‏ أقر لها مالها، وإن حمل الثلث الرقبة وبعض المال وعتقت، ولها من مالها ما حمل الثلث مع رقبتها، فإن لم يدع غيرها ومالها وقيمتها مائة ومالها ثمانمائة عتق المدبر وله من ماله مائتا دينار، وهكذا يحسب، قال‏:‏ وكذلك الموصى بعتقه وله مال، ومالك وأصحابه على الأول، ولم ير مالك أن سنة من أجل المعتق إلى أنها قرب الأجل، وليس للغرماء إجبار المفلس على انتزاع أم ولده أو مدبره بل له إن شاء؛ لأنه تجديد مال كما لا يجبرونه على الكسب، ولا ينزع في المرض؛ لأنه ينزع لغيره‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا دبر أحد الشريكين أمة، تقاوياها فإن صارت لمن دبرها كانت مدبرة أو للآخر رقت كلها إلا أن يشاء غير المدبر تسليمها للمدبر، ويتبعه بنصف قيمتها فله، فإن كانوا ثلاثة فأعتق الثاني وتماسك الثالث والمعتق ملي قومت عليه وعتقت كلها؛ لأنه ابتدأ عتقا، أو معسر فالتمسك مقاواة المدبر إلا أن يكون المعتق قبل التدبير، والمعتق عديم فلا يلزم المدبر مقاواة، لأنه يرى عتق بعد عتق مقدم لم يكن عليه تقويم وإن كان مليا، ويجوز تدبير أحد كما بإذن شريكه، فإن رضي سقط حقه، وللمستمسك بيع حصته إذا بين أن نصفه مدبر ولا مقال للمبتاع مع المدبر؛ لأنه تنزل منزلة البائع، وإن دبراها معا أو واحدا بعد واحد فإن مات أحدكما عتقت حصته في ثلثه، ولا يقوم عليه حصة شريكه، فإن لم يحمل الثلث حصته فما حمل ويرق الباقي للوارث، وليس له مقاواة الشريك؛ لأنه بمنزلتك، فإن مات الثاني عمل حصته كالأول، فإن دبر أحد كما ثم أعتق

الآخر أو أعتق حصته من مدبر بينكما قوم على المعتق حصة الآخر قيمة عبدا؛ لأن التدبير انفسخ كما تقدم، والمدبر، وأم الولد، والمعتق إلى أجل في جراحهم وأنفسهم قيمة عبد، قال ابن يونس‏:‏ كانت المقاواة عند مالك ضعيفة، وإنما هي شيء جرت في كتبه، وقال مرة بغيرها، وقال‏:‏ يقوم عليه لأن فيها إبطال الولاء، وعن عبد الملك‏:‏ لابد من المقاواة لحق العبد أعتق الشريك بإذن أم لا وقاله مالك، وقال‏:‏ إن كان المدبر عديما تقاواه، فإن وقع عليه بيع من نصيب صاحبه يريد‏:‏ فما عجز عنه بيع له ولا يباع من نصيبه الذي دبر شيء، وقال ابن القاسم‏:‏ لا مقاواة فيه، وقال سحنون‏:‏ تدبيره باطل إن لم يرض شريكه؛ لأنه لا يجد ما يغرم بالمقاواة فيه بخلاف المبتل، لأن مصلحة العتق تحققه فاغتفر إعادة، وعن ابن القاسم‏:‏ إن أراد المتمسك مقاواة المعدم على أن يتبعه إن وقع عليه فله ذلك، وإن قاواه ولا يعلم بعدمه ثم علم بعد أن وقع عليه فله فسخ المقاواة، قال أصبغ‏:‏ لا يفسخ ويباع منه كله بقدر ما عليه لأنها كالبيع، ولا يفسخ بعدم الثمن، وما بقي فهو مدبر كمن دبر وعليه دين وهو القياس، والاستحسان‏:‏ لا يباع له إلا قدر ما يباع، ففي تدبير أحدكما ثلاثة أقوال‏:‏ التقويم، والمقاواة، والتخيير بين التمسك والتقويم والمقاواة‏.‏

ومعنى المقاواة‏:‏ تقويمه قيمة عدل، ويقال للذي لم يدبر‏:‏ يزيد عليها ويسلم هكذا حتى يصير إلى أحدكما، وعن سحنون‏:‏ إن شاء المتمسك إلزامه المدبر بالقيمة يقوم عليه صار مدبرا كله، فالتقويم دون ائتناف حكم ثان، وقال عبد الملك‏:‏ لا يكون النصف المقوم إلا بحكم جديد، وقاس الأول على المعتق، لأنه بالتقويم حر ولا فرق، ولورثة غير المدبر مقاواة المدبر كموروثهم إلا أن يعلم بالتدبير بعد سنين وما ترى أنه ترك المقاواة بخلاف العتق، وهذا على القول بتخيير الشريك، وعلى تعيين المقاواة للوارث وإن طال لأنه حق للعبد، وإذا أعتق أحدكما ثم دبر الآخر عتق نصيبه؛ لأنه ليس له إلا أن يعتق ناجزا ويقوم، فلما ترك التقويم لزمه التخيير، فإن قال‏:‏ دبرت أولا وقلت‏:‏ بل أعتقت أولا فأنت مدعى عليك، وتصدق مع يمينك لأنك مدعى عليه استحقاق التقويم، فإن نكلت حلف

ووجبت لك القيمة، فإن نكل فلا شيء له، ويعتق عليه نصيبه فإن كنتما في بلدين ولا علم عند أحدكما يدعيه، ولا بينة فلا شيء عليك، ويعتق عليه حصته لنكوله عن اليمين، وهذا على غير مذهب مالك، وأما عند مالك وابن القاسم‏:‏ فإن على المعتق القيمة؛ لأنه إن كان أولا فالتدبير بعده باطل ويقوم عليه أو ثانية قوم عليه، فعند الجهل يلزم التقويم، قال اللخمي على أحد قولي ابن القاسم‏:‏ إن التقويم حق لله دون الشريك لا يجبر على التقويم، وإن دبر بإذنه وتخلف صفة التقويم، فإن كان بغير إذنه قوم على أنه لا تدبير فيه أو بإذنه قوم على أن نصفه مدبر لدخوله على العيب، فإن لم يقوم وتمسك أو دبر، والتدبير الأول بغير إذن الشريك‏:‏ أتبعه الآخر بعيب التدبير وبإذنه لم يتبعه بشيء، وإذا دبرت ثم أعتق الآخر‏:‏ يقوم حصة المدبر على المعتق قاله في المدونة، وعنه لا يقوم ولا يبطل التدبير، وعلى الأول يسقط عيب التدبير لسقوطه، ويقوم على المعتق على أنه غير مدبر ولا معتق، وعلى عدم التقويم يرجع المعتق على المدبر بعيب التدبير، فإن أعتق أحدكم معسرا، ثم دبر الثاني قوم على المعتق نصيب شريكه أو المعتق معسر قضى المعتق في نصيب المعتق والتدبير، ورق نصيب الثالث على قول ابن القاسم، وعلى قول ابن نافع‏:‏ يقوم الثالث نصيبه على المدبر إن شاء، وإن تقدم التدبير، ثم المعتق والمعتق معسر فثلاثة أقوال‏:‏ قول المدونة‏:‏ يقوم المدبر والمتمسك على المعتق، وعلى قول الآخر‏:‏ لا يقوم المدبر لئلا ينتقل الولاء، ويقوم المتمسك على المدبر؛ لأنه مبتد للفساد ولا يقوم على المعتق، وعلى قول ابن نافع‏:‏ يقوم على المعتق؛ لأنه المحقق للعيب بالعتق، فإن كان معسرا قوم الثالث على المدبر أو يقاويه وهو قول ابن القاسم، وفي كراهة مالك لتدبير أحدكما قولان؛ لأنه يؤدي للعتق من غير استكمال إذا مات أحدكما ولم يحمل ثلثه نصيبه، فإن نزل مضى‏.‏

فرع‏:‏

في المنتقي‏:‏ من دبر بعض عبده كمل عليه تدبيره كالعتق، وقاله ‏(‏ح‏)‏ و‏(‏ش‏)‏‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ يجوز رهن المدبر، والمرتهن بعد موت السيد أحق من الغرماء وإن لم يدع غيره بيع المرتهن؛ لأنه حازه، ولو لم يقبضه بيع لجميع الغرماء، قال اللخمي‏:‏ منع أشهب رهنه إن كان في أصل البيع، أما بعده أو في قرض في العقد أو بعده جاز؛ لأن الغرر يجوز فيه، لأن المشتري لا يدري متى يقبض دينه عند حلول الأجل لدينه أو بعد موت السيد‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ لا يباع المدبر في حياة السيد في فلس ولا غيره إلا في دين قبل التدبير، ويباع بعد الموت إذا اغترقه الدين تقدم التدبير أو تأخر، ولا بصدقة لامرأة في مهرها لأنها بيع، وإذا بيع فسخ بيعه فإن تعيب عند المبتاع فعليه ما نقصه، ووافقنا ‏(‏ح‏)‏، وجوز ‏(‏ش‏)‏ وابن حنبل بيعه‏.‏

لنا‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا يباع المدبر ولا يشترى‏)‏ وهو جزء من الثلث، ونهي عن بيع المدبر، ولأنه يستحق العتق بعد الموت فيمتنع البيع كأم الولد، ولأنه آكد من المكاتب لعتقه بموت مولاه فيمتنع بيعه كالمكاتب، ولأنه يعتق بالموت اتفاقا فإما أن يكون عتقا معلقا بشرط فلدخول الدار، أو عتقا مستحقا قبل الموت‏.‏

والأول باطل؛ لأن المعلق يبطل بالموت فتعين أنه مستحق قبل الموت كالاستيلاد، قيل‏:‏ لا يسلم أنه فرع النسب‏.‏ احتجوا بقوله تعالى‏:‏ ‏(‏وأحل الله البيع‏)‏ وبقوله

تعالى‏:‏ ‏(‏إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم‏)‏ وفي مسلم‏:‏ ‏(‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع مدبرا‏)‏ وهو معنى مشتركا بين المدبرين، ‏(‏ويروى أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر منه، ولم يكن له مال غيره، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبيع بتسعمائة أو بثمان مائة‏)‏، وفي بعض الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏هو أحق بثمنه‏)‏ وفي بعضها‏:‏ ‏(‏من يشتريه منه‏؟‏‏)‏ فاشتراه رجل منه بثمانمائة درهم، فدفعه إليه، ولأنه عتق معلق بالموت فيجوز بيعه كالموصى بعتقه، ولأن عائشة - رضي الله عنها - دبرت جارية لها فسحرتها فباعتها ولا مخالف لها من الصحابة، فكان إجماعا‏.‏

والجواب عن الأول والثاني‏:‏ أنهما مخصوصان بما رويناه، وعن الثالث‏:‏ أنه حر عين فيما تعين موضع الخلاف، فأما يخير بين مدبرين إن دبر وعليه دين، أو يلحقه دين بعد الموت، ولعه منها أو باع خدمته مدة، ولو لم يتعلق به حق لم يتعرض الإمام لبيعه فدل على أنه باعه في دين، وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم باعه في دين، وهو ظاهر بيعه له دون صاحبه، ولأن خبرنا يفيد الحظر وخبركم يفيد الإباحة، والحظر مقدم عليها وحمل خبركم على مذهبنا، وحمل خبرنا على مذهبكم متعذر‏.‏

وعن الرابع‏:‏ الفرق بأن الموصى بعتقه يستأنف فيه العتق والمدبر تقرر عتقه في الحياة، وعن الخامس‏:‏ أنه مذهب لها أو لأنها سحرتها لتموت فسألتها فقالت‏:‏ أردت أن أتعجل العتق فقد استحقت القتل، والنزاع في البيع مع العصمة‏.‏

تفريع‏:‏

في الكتاب‏:‏ لا بأس أن يأخذ مالا على أن يعتق مدبره وولاؤه له ولا أحب بيعه ممن يعتقه، ومن باع مدبره فمات بيد المبتاع ضمنه، وأمسك البائع من الثمن قد القيمة أن لو كان يحل بيعه على رجاء العتق له، وخوف الرق عليه كمستملك الزرع يغرمه على الرجاء والخوف، والفاضل بيد البائع يشتري بها مدبرا وإلا أعان به في رقبة، وإن أعتقه المبتاع بعد العتق وولاؤه للمبتاع وجميع الثمن للبائع، وإن وطئ المبتاع المدبرة فحملت فهي أم ولد له وبطل التدبير؛ لأن الاستيلاد أقوى، لأنه يعتق من رأس المال ولا يرجع على البائع بما بين قيمتها مدبرة وغير مدبرة، قال ابن يونس‏:‏ إذا أعتق المبتاع نفذ العتق في أحد قولي مالك، قال ابن القاسم‏:‏ لا يرجع المبتاع بشيء إذا أعتقه علم بالتدبير حين الشراء أم لا لانفساخ التدبير، قال مالك‏:‏ وليس على البائع في الثمن شيء فإن عمي خبره فلا يدري أمات أو عتق‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ يجعل الثمن كله في مدبر، قال‏:‏ والقياس إذا استقصى أمره وأيس منه‏:‏ جعل ميتا كالمفقود، وإن لم يعلم ببيعه حتى مات سيده وقد أحاط الدين بماله لم يرد لعدم الفائدة، ولا دين عليه رد، فإن لم يدع غير ثمنه أعتق ثلثه، وللمبتاع رد الثلثين للضرر بالعتق إلا أن يكون علم حين البيع بالتدبير، قال أبو عمران‏:‏ إذا غاب اشترى عليه وجعل ثمنه في عبد مدبره فوجد الأول انتقض البيع، ويغرم الثمن لمشتريه، ويمضي التدبير في العبدين كالهدي الواجب يضل فيبدله ويشعر الثاني فيجد الأول فينحرهما جميعا، والفرق بين موته فيجعل فضل ثمنه كله‏:‏ أن الميت علم أنه لا يدركه عتق وفضل ثمنه كعضو بقي منه والغائب لم ينفسخ تدبيره فهو مدبر تام كالهدي يضل، والفرق بين موته وموت المكاتب بعد البيع‏:‏ أنه يسوغ له

جمع الثمن أن المكاتب له تعجيل نفسه إذا لم يكن له مال ظاهر، فرضاه ببيعه رضا بالفسخ، ولا يجوز للمدبر فسخ تدبيره، قال ابن القاسم‏:‏ إن باعه الورثة بعد موت السيد لغرض فتغير المقرض في سوقه أو أخذ قيمة ذلك العرض في فوته لحصول العتق بالموت أو لا مال لسيده مأمون، ومات المدبر لحدثان بيعه قبل النظر في مال الميت فهو من المبتاع، وينفذ بيعه وإن مات بعد طول الزمان وعرفانه كأن يخرج من الثلث فمصيبته من الورثة، ويأخذ المشتري قيمة عرضه؛ لأنه بيع فاسد اتصل به التغيير فيمضى بالقيمة، فإن خرج بعضه في الثلث رجع بقدر ذلك، ومصيبته ما رق من المشتري، وإذا باعه مدبرا ولم يعلم فأعتقه عن رقبة واجبة أجزأك عند ابن القاسم لانفساخ التدبير والولاء لك، ولا يرجع لشيء، ولا يجزئ عند أشهب وينفذ العتق، ولا شيء لك، وإن باعك بشرط العتق‏:‏ رد ما لم يفت بالعتق فينفذ والولاء للبائع لانعقاده له أولا، وكذلك المكاتب وإن بيع المكاتب ولم يشترط عتقه، فأعتقه المبتاع نفذ عتقه عند ابن القاسم وأشهب، والولاء للمشتري عند ابن القاسم، وقاله أشهب إن بيع بعلم المكاتب ورضاه على أنه عبد، لأنه رضي بالعجز وإلا فالولاء للسيد، ورد عبد الملك بيعه ونقض عتقه ورده لكاتبه؛ لأنه محرم وإن وهبك مدبره في صحته فحرمته فمات ولا مال له غيره عتق ثلثه وثلثاه لك قاله ابن القاسم، ولذلك إذا تصدق به على ابنه الكبير وحازه في صحة أبيه، ولو كان مثل هذا حيازة؛ لأنه فعل في المدبر ما يحرم، ولأنه لو نازع الغرماء الابن الكبير في تقدم الدين الصدقة ألزم الغرماء البينة، وفي الصغير تقدم الدين حتى

يثبت بأجرة قاله مالك، وقال ابن القاسم‏:‏ يرد الصدقة وإن قبضت من الأجنبي أو الولد، يرد في حياة السيد، وكذلك المكاتب والمعتق إلى أجل، قال أصبغ‏:‏ إن لم يعثر على هذا حتى مات السيد عتق في ثلثه وما لم يحمله رق للورثة؛ لبطلان الصدقة، وعن ابن القاسم‏:‏ المتصدق والمشتري ولي بما رق منه لكشف الغيب عدم العتق في البقية، فإن مات المتصدق به عليه وقد أوصى بعتقه فلا وصية له، ويرد مدبر السيد، وكذلك لو أعتقه في صحته بخلاف المشتري يعتق أو يوصي بعتقه فيعتق في ثلثه، ويرق الباقي للبائع؛ لأنه ضمنه بالشراء، وبيعه مختلف فيه قاله أصبغ، قال‏:‏ والقياس إذا عتق برجه ما يجوز عتقه؛ لحصول مقصود التدبير فلا يرد إلى الرق لأمر موهوم، قال محمد‏:‏ إذا وهبه ثم مات وقد استحدث دينا بعد الهبة رق للموهوب إن أحاط به الدين أو ما رق منه إن لم يحط به أو الدين قبل الهبة فالدين أولى، فإن اجتمع المتقدم والمتأخر والمتقدم درهم والمتأخر يغترق بقيته بيع كله للمتقدم قاله أشهب، وقال محمد‏:‏ يباع بقدر المتقدم فقط، ويدخل معهم فيه الآخرون، ويرق باقيه للموهوب له قاله ابن القاسم، وإذا أشهده قبل النكاح صحيح، ويرد إلى سيده، وللزوجة قيمته عبدا كالاستحقاق وإن مات السيد لم يترك غيره عتق ثلثه، ورجعت بقيمة ثلثه، وخيرت في إمساكها رق ورده، ويرجع بقيمة جميعه، وإن علمت أنه مدبر فسد النكاح وفسخ قبل البناء وثبت بعده؛ لأن الصداق غير مقصود في النكاح ولها صداق المثل وعتق في ثلثه، فإن كان عليه دين يرقه فأمسكته المرأة لأجل صداقها فيجري الخلاف في القرض يشترى شرات فاسدا فيفلس البائع ويمسك الثمن، قال اللخمي‏:‏ إذا ولدت المدبرة من المشتري ردت وأخذ من المشتري الثمن، وهل عليه قيمة الولد إذا غره البائع ولم

يعلم بالتدبير‏؟‏ خلاف‏:‏ وغرم القيمة أحسن وإن كاتبه المشتري، ثم مات البائع والثلث يحمله عتق عليه وردت الكتابة، وإن كان عليه دين يرقه مضى البيع والكتابة، وإن لم يخلف غيره عتق ثلثه ومضت الكتابة في الثلثين، فإن لم يمت السيد وأدى الكتابة عتق على أحد قولي مالك وإن لم ينظر فيه حتى عجز‏.‏

وإذا استولدت ولم يرد حتى مات البائع والثلث يحملها عتقت على البائع، وإن كان عليه دين فرقها بقيت أم ولد للمشتري، وإن لم يخلف غيرها بقي ثلثاها أم ولد للمشتري يختلف في عتق الثلثين لتعذر الوطء بالشركة، وإذا أخدم المدبر عشر سنين، وحازه المخدم ثم مات السيد وخرج من الثلث سقطت الخدمة أو لا مال له غيره عتق ثلثه، والمخدم أولى بما رق منه إلى تمام الأجل ثم هو للورثة، وإن كان دين يرقه فالمخدم أولى به إلى الأجل، ولو لم يكن الدين إلا دينار واحد لم يبع منه شيء إلا بعد الخدمة فإن أجره سنة وقبض الأجرة ومات بقرب ذلك ولم يخلف إلا المدبر قال ابن القاسم‏:‏ إن أحاطت الأجرة به لم يبع حتى تنقضي الإجارة فيعتق ثلثه ويرق ثلثاه أو لا يحيط به، بيع من جميعه بثلث الأجرة، ويستخدمك لمستأجره فيعتق ثلثه ويرق ثلثاه أو لا يحيط به بيع من جميعه بثلث الأجرة ويستخدم ثلثه، فإن فضل منه أكثر من ثلثي الرقبة ويخدم ثلثاه مدة الإجارة، فإذا مضت عتق تمام ما بقي بعد الدين ورق ثلثاه، ويرجع ما بيع منه عن ثلث الأجرة إلى المستأجر وينفسخ منه ثلث الخدمة، قال محمد‏:‏ إن لم تحط الأجرة برقبته فأحب إلي أن لا يباع منه شيء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ إذا كانت الأجرة تسعة وقيمته ثلاثون ولا مال له غيره فضت التسعة على قيمته فينوب الثلث المعتق ثلاثة فيباع منه بها، ويعتق بقية الثلث

وهو تسعة، وللمستأجر ثلث الخدمة وثلثها بين العبد والذمي اشتري منه بثلاثة فإذا تم أجل الإجارة رجع للورثة فيقول‏:‏ أكملوا إلي ثلث المائة فيجمع عشرين وما صار للعبد وهو سبعة، وذلك سبعة وعشرون فيعتق من ذلك الثلث وهو تسعة، ومراد العبد‏:‏ ديناران فإن كان على السيد دين خمسة أضيف إلى ثلاثة العتق؛ لأن ثلثي الورثة لا سبيل لأصحاب الدين عليه، لأن المستأجر أحق به والدين الأجنبي أولى من التدبير فيباع من العبد بثمانية، فإذا انقضت الإجازة ودفع العبد للورثة رجع عليهم فيعتق منه تمام الثلث‏.‏

فرع‏:‏

في‏:‏ تجوز كتابة المدبر فإن أدى عتق وإلا عتق بعد موت السيد في ثلثه ويقوم بماله في الثلث، ويسقط عنه باقي الكتابة وإن لم يحمله الثلث فما حبا ويقر بماله بيده‏:‏ عتق عنه ثلثه، ويوضع عنه ثلث كل نجم بقي عليه بقدر ما عتق؛ لأنه للعدل إن لم يدع غيره عتق عنه ثلثه ووضع عنه ثلث كل نجم بقي عليه، ولا ينظر إلى ما أدى قبل ذلك؛ لأن العتق لم يصادفه ولو لم يبق عليه إلا نجم حط عنه ثلثه، ويسعى فيما بقي عليه فإن أدى عتق كله، وإن مات سيده وعليه دين يغترق قيمة رقبته تبع فيه كتابته، فإن أدى فولاؤه لناقدها أو عجز رق لمبتاعه؛ لأنه شأن بيع الكتابة، أو اغترق بعض رقبته بيع من الكتابة بقدره وعتق قدر ثلث ما لم يبع من كتابته وحط من كل نجم ثلث ما لم يبع من ذلك النجم، فإن وفى عتق وولاؤه للميت أو عجز فبقدر ما بيع من كتابته رق لمبتاعه، وما عتق منه لا سبيل لأحد عليه وباقي رقبته

بعد أدى عتق منه برق الورثة، ولك مكاتبة عبدك مع مدبرك كتابة واحدة فإن مت مضت الكتابة على قدر قوتهما على الأداء يوم الكتابة وعتق المدبر في الثلث وسقطت حصته عن صاحبه، ويسعى العبد في قيمة حصته وحده، ولا يسعى المدبر معه؛ لأنه إنما دخل معه على أن يعتق بموت سيده فلا حجة له بخلاف عتق السيد لأحد العبدين في كتابة واحدة لأنه لم يدخل على هذا، وإن لم يحمل المدبر الثلث عتق محمله وسقط من الكتابة قدر ذلك، ويسعى في باقي الكتابة هو وصاحبه، ولا يعتق بقيته إلا بصاحبه ولا صاحبه إلا به فإن عتقا رجع من ودى منهما على صاحبه بما ودى عنه إلا أن يكون ذو رحم لا يملك أحدهما الآخر فلا تراجع بينهما؛ لأن أحد العرض فرع قبول مالك المعرض، وقال أشهب‏:‏ لا تجوز مكاتبة العبد مع المدبر المحض على العبد معتق المدبر‏.‏

في النكت‏:‏ إذا اغترق الدين رقبته تباع كتابته يريد‏:‏ لا فضل في الكتابة، وقوله‏:‏ إذا اغترق بعض الرقبة يباع من الكتابة بقدر الدين يريد‏:‏ وفي الكتابة فضل، قال محمد‏:‏ إن اغترق الدين قيمة رقبته بيع من الكتابة بقدر الدين ثم يعتق ثلثه الباقي ويسقط من الكتابة بقدر ذلك، وإن كان الدين يحيط بالكتابة وحدها وفي الرقبة فضل فقيل‏:‏ لابد من تعجيزه حتى يباع من رقبته قدر الدين ثم يعتق ثلث ما بقي، قال ابن القاسم‏:‏ يترك على كتابته يؤديها في الدين على نجومه منه فيعتق، وإن عجز عتق منه ثلث ما يفضل بعد قضاء الدين فإن اغترق نصف الرقبة وثلث الكتابة، فإن بيع ثلاثة أرباع الكتابة فيعجز فيرق ثلاثة أرباعه أو يباع نصف رقبته أولى أجاب بعضهم بأنها كمسألة محمد إذا كان الدين يحيط بالكتابة وحدها، وفي الرقبة فضل، فعلى قول ابن القاسم‏:‏ لابد من تعجيزه ولا يباع منه شيء ويؤدي على نجومه، فإن عجز فهو كمدبر لا كتابة

فيه يباع منه بقدر الدين ويعتق ثلث الباقي، وإنما يباع من كتابته بمقدار الدين إذا اغترق من الكتابة مثل ما اغترق من الرقبة أو أقل، أما من الكتابة أكثر فعلى ما تقدم‏.‏

قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ إذا كوتب المعتق إلى أجل ثم فلس وعليه دين يحيط بأضعاف قيمته، لا تباع كتابته ويؤديها للغرماء، فإن وداها قبل الأجل عتق أو سبق الأجل عتق وسقط ما بقي عليه قل الدين أو أكثر، فإن ودى وبقية من الكتابة باقية فهي لسيده أو لورثته، أو حل الأجل قبل وفاء الدين وبقي الكتابة عتق وسقط باقي الكتابة وبقي على سيد البقية دينه، قال ابن ميسر‏:‏ هذا إذا كان العتق قبل الدين، ويجوز تقديم التدبير على العتق إلى أجل وتأخيره، فإن مات السيد قبل الأجل قوم في الثلث الخدمة بقية الأجل، وقيل‏:‏ إن تقدم التدبير قومت رقبته وهو ضعيف؛ لأنه يستوعب الثلث في عتقه، وما عجز عنه فهو من ثلثي الموت فهو يعتقه إلى تمام الأجل فتظلم الورثة لا يقوم في الثلث ما لا يملكه؛ لأنه لو كان على السيد دين يحيط به لم يزل العتق إلى أجل، وإن كان التدبير قبل، ولم يبع من رقبته له شيء في دينه، وينقض الدين التدبير، ولم ينقض عتق الأجل فكان للغرماء خدمته فنسوا إلى الأجل، وليس للميت مال غير خدمته تقدم التدبير أم تأخر، فإن كان معتقا إلى الأجل ثم فلس أو مات وعليه دين يحيط برقبته استدانه بعد عتق الأجل فلا تباع كتابته ويؤديها للغرماء على النجوم، وإن ودى الدين ودى الباقي للورثة، وإن وداها قبل الأجل عتق وقضي الدين أو ما بقي منه منها، وإن لم يود حتى حل الأجل سقط عند الباقي منها ولم يتبع بشيء من دين سيده عتق بالأداء أو بحلول الأجل، وإن كان الدين قبل عتق الأجل فالدين أولى به، قال ابن القاسم‏:‏ إن كاتب ثم دبر جعل في الثلث الأقل من قيمة الرقبة أو قيمة الكتابة أو دبر ثم كاتب فقيمة الرقبة خاصة؛ لأن السنة في المدبر إذا لم يكاتب أن في الثلث قيمة رقبته التي كان يملكها

قبل التدبير وهو عتق التزمه بعد الموت فإذا كاتب لم ينتقل عن ذلك؛ لأنه لو عجز عاد مدبرا، وإن تقدمت الكتابة فقد صار لا يتغير ما يملكه منه إذ قد يعجز فتملك رقبته أو يؤدي فتصح له الكتابة، وإذا دبر جعل في الثلث الأقل بما كان قد صح له احتياطا للعتق بتدبيره إياه كإيصائه بعتقه هذا إذا كاتبه في الصحة ثم دبره بعدها في صحة أو مرض، أما إن كاتبه في المرض ثم دبره فيه فيجعل في الثلث قيمة الرقبة؛ لأن الكتابة في المرض إذا لم يقبض إنما تجعل في الثلث قيمة الرقبة، لأنها من ناحية العتق، وفي التدبير تجعل قيمة الرقبة فاتفقا فلذلك جعلت قيمة الرقبة قاله ابن القاسم، وقال محمد‏:‏ سواء بدأ بالتدبير أم لا فلا يقوم إلا بأقلهما؛ لأن من أوصى بعتق مكاتبه جعل في الثلث الأقل من قيمة رقبته أو من قيمة كتابته، ولا فرق بين الوصية بالمكاتب أو تدبيره، قال ابن القاسم‏:‏ إذا كاتبهما كتابة واحدة ثم دبر أحدهما فإن أديا عتقا أو عجزا لزم السيد تدبير من كان دبر، وإن مات السيد قبل عجزهما والمدبر يحمله الثلث وهو قوي على السعي حين مات السيد لم يعتق إلا برضا صاحبه لحق الكتابة التي التزمها معه‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ مدبرة بينكما وطئها أحد كما فحملت، قومت عليه وتصير له أو ولد؛ لأنه أقوى لها، وقال غيره‏:‏ إن كان الواطئ معسرا خير شريكه بين اتباعه بنصف قيمته وتصير أم ولد له، وبين التمسك بحصته لأجل عسره، واتباعه بنصف قيمته الولد يوم استهلاكه ثم لا يقوم عليه أن أيسر، فإن مات الواطئ عديما عتق عليه نصيبه من رأس ماله؛ لأنه من أم ولد، وبقي نصيب المتمسك مدبرا أو مات غير الواطئ وقد كان تمسك بنصيبه وعليه دين

يرد التدبير بيعت حصته؛ لأنه شأن التدبير فإن ابتاعها الواطئ ليس حدث له حل له وطؤها، وإن مات فنصفها رقيق ونصفها حر من رأس ماله، قال ابن يونس‏:‏ قيل‏:‏ يقوم على الواطئ الولد خاصة، وتبقى هي على حالها، وإن مات غير الواطىء عن نصفها في ثلثه فإن لم يترك وفاء قومت على الوطئ وبقيت له أم ولد، وقوله‏:‏ يتبع بنصف قيمة الولد يوم استهلاكه‏:‏ يريد‏:‏ وكذلك إذا تأخر الحكم حتى كبر الصبي، وقيل في ولد المستحقة‏:‏ فيه القيمة يوم الحكم، والفرق‏:‏ أن وطء الشريك عدوان فلزمته القيمة يوم التعدي، وإنما تكون القيمة يوم يحكم باستحقاق أمه، قال اللخمي‏:‏ إن كان من ثلث المدبر ونصيبه عتق بالتدبير، وأعتق نصيب الواطئ لتحريم الوطء عليه، وكذلك إن حمل الثلث بعض نصيبه، وعن مالك‏:‏ يقوم نصيبه من الولد وحده، ويمنع الواطئ منها، فإن مات المدبر وترك وفات أعتق نصفه، وإن لم يتركه وفات قومت على الواطىء وبقيت أم ولد؛ لأن الولاء قد ثبت بالتدبير فلا ينتقل، وقوله‏:‏ إنما تكون أم ولد إنما يصح على القيمة تكون يوم حملت، وتسقط القيمة المأخوذة من الواطئ في الولد، وتعاد له أو تحاسب بها، وإن التزم قيمة الولد اليوم أو يوم ولدت لم تكن أم ولد، وإذا كان الواطئ معسرا لا يخير المدبر على هذا القول، ولا ينتقض التدبير، ويرجع بنصف قيمة الولد، وإذا لم يقوم على الواطئ للعسر أو لمنع نقل الولاء على أحد قولي مالك فلا يعتق نصيب الذي أولد عند أشهب، ويتبعه ولا يكون عنده بعض أم ولد‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا دبر جنينها حرم بيعها دون رهنها كما لو أعتق ما في بطنها، قال ابن يونس‏:‏ قال أبو عمران‏:‏ إنما يرهنها في دين قبل الحرية وقبل التدبير، وأما ما يحدث فيباع ما في بطنها فيه ولا يتعرض هو به للبيع‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا ارتد المدبر ولحق بدار الحرب‏:‏ استتيب فإن لم يتب قتل، وإن تاب لم يقسم في المغنم ورد لسيده إن عرف، فإن جهل أنه مدبر حتى قسم فلسيده فداؤه بالثمن ويرجع مدبرا، فإن مات السيد وقد تركه في يد من صار في سهمه يختدمه في ثمنه فمات السيد قبل وفاء ذلك عتق من ثلثه وأتبع بباقي الثمن، فإن لم يسعه الثلث‏:‏ فما وسع ورق باقيه لوارثه؛ لأن سيده أسلمه، قال غيره‏:‏ إن حمله الثلث عتق ولم يتبع بشيء أو بعضه لم يتبع بحصة البعض العتيق بخلاف الجناية التي هي فعله، وإن رهن السيد فما لم يحمل الثلث منه فرق ولا خيار للوارث، وفي الجناية يخير الورثة فيما رق منه إذا سلمه ومات والثلث لا يحمله والسيد قد أسلمه فيها، والفرق‏:‏ أن المشتري قد أخذه في الأصل على مالك رقبته، والمجني عليه إنما أسلمت له خدمته فهي أضعف‏.‏

في التنبيهات‏:‏ اختلفت الروايات فوقع سيده الغيبة وسقط بعينه في بعضها وهو الصحيح، وهو أنه إذا عرف أنه مدبر أو حر، قال ابن يونس‏:‏ إن أراد سيده تركه في يد من حسب عليه يخدمه في ذلك، فإن وفى والمدبر حي رجع مدبرا أو هلك قبل وفائه خرج من ثلثه، وأتبع بباقي الثمن، قال عبد الملك‏:‏ اتباعه بحصة ما عتق إنما هو فيما اشتري من يد العدو، وأما ما وقع في الغنائم فلا كالحر يقع في المقاسم لا يتبع، وإن باعه العدو أتبع، قال محمد‏:‏ والقول ما قال عبد الملك، وكذلك المكاتب‏.‏ والمعتق إلى أجل لا يتبع إلا بما يتبع فيه الحر، وجعل ابن القاسم أبا قر لدار الحرب بجناية فعلها إلا في قوله إذا لم يحمله الثلث رق باقيه لمشتريه، وإن أريد السيد ولحق بدار الحرب دون المدبر، ففي الكتاب‏:‏ يوقف مدبره لموته فيعتق بعد موته كما يوقف مال الأسير، وإذا

وقف أنفق عليه من مال سيده، وكذلك أم ولده بخلاف صغار ولده؛ لأن الولد لا يرثه إن قل على ردته، قال اللخمي‏:‏ إذا لم يعرف سيد المدبر الواقع في المقاسم لم يبع وخدمته للجيش فإن افترقوا بيعت شيئا بعد شيء، وعن ابن القاسم‏:‏ يكون رقيقا لمشتريه ويبطل تدبيره، وقال محمد‏:‏ لمشتري خدمته حياة السيد وإن كثرت، ولمالك في خيار الورثة إذا أسلمه قولان، وهما يجريان في الغرماء‏:‏ أن يدفعوا له باقي ثمنه ويباع لهم، والقول الآخر أحسن، والمبيع في المقاسم أقوى من الجاني؛ لأن العبد القن لا يباع منه بقدر الثمن، ويؤخذ الباقي، وكذلك اتباعه بعد العتق الصحيح أن لا يتبع؛ لأن المستحق منه بعد القسم مالك وحرية بالمالك لا ينزع إلا بالثمن‏.‏ والمدبر قادر على أن يبين أنه مدبر فلم يفعل فهو كالحر يقع في المقاسم فيغر من نفسه، وإن اشتري من أرض الحرب مدبر وأخرج ثم ثبت أنه مدبر وهو كان يظن أنه عبد، وأسلمه سيده ثم مات وحمله الثلث لا يتبع بالباقي بخلاف الأول؛ لأن من أخرج حرا من أرض الحرب له أن يتبعه بما اشتراه، ولو قدم حربي بمدبر وأسلم عليه لم ينزع منه وكان له فيه ما لسيده فيه وهو الخدمة؛ لأن الحربي يملك مال المسلم فإن مات الذي دبره والثلث يحمله عتق وولاؤه لمدبره، وإن لم يكن له غيره عتق ثلثه، ورق للحربي، وإن كان على السيد دين يرقه رق كله له‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إذا أسلم مدبر نصراني أو ابتاع مسلما فدبره أجزناه له وقبض أجرته، ولم يتعجل رقه بالبيع فقد يعتق بموت سيده فإن أسلم النصراني قبل

موته رجع إليه عبده وله ولاؤه فإن لم يسلم حتى مات عتق في ثلثه وولاؤه للمسلمين؛ لأن الكافر لا يرث المسلم إلا أن يكون للنصراني ولد وأخ مسلم ممن يجر ولاؤه إليه فيرثه، هذا إن أسلم المدبر بعد التدبير، أما إن دبره والعبد مسلم فولاؤه للمسلمين لا يرجع إليه إن أسلم ولا ولد له مسلم؛ لأنه يوم عقد التدبير لم يكن له عليه ولاء ولا ملك مستقر بخلاف تدبيره كافرا، وإن عتق في الثلث نصفه والورثة نصارى بيع عليهم نصفه من مسلم، وإن لم يكن له ورثة رق للمسلمين، وقال غيره‏:‏ لا يجوز للنصراني شراء مسلم؛ لأن الإسلام لا يعلى عليه فإذا أسلم عبده، ثم دبر عتق لأنه منعنا من بيعه بتدبيره‏.‏

وفي التنبيهات‏:‏ قول بعض الرواة‏:‏ إن اشترى مسلما ودبره لا يجوز الشراء؛ لأنا لو أجزناه لبعناه عليه بلا فائدة، وقال ابن أبي زمنين‏:‏ معناه أن البيع والتدبير يفسخان، وقيل‏:‏ يعجل عتقه، قال ابن يونس‏:‏ قال عبد الملك‏:‏ إذا أسلم عبده فأعتقه إلى أجل عجل عتقه أو كاتبه بيعت كتابته عليه نفيا لسلطان الكفر على المسلم، قال ابن يونس‏:‏ وإذا أجزنا المدبر عليه، وقبض الأجرة وأتلفها ومات قبل أن يخدم العبد من الإجارة شيئا ولم يترك غيره فإن رضي العبد أن يخدم مدة الإجارة لرغبته في عتق ثلثه فله ذلك، ويعتق ثلثه ويخدم المدة، ثم يباع ثلثاه على الورثة ولا كلام لمن استأجره، وإن امتنع العبد من الخدمة ولم يرض المستأجر أن يخدم ما رق منه لاستحقاق بعض ما استأجر بيع من جميعه بقدر الإجارة، وعتق ثلث ما بقي وبيع على الورثة ما بقي، وإن رضي المستأجر أن يخدم ما رق منه فليبع من ثلثه قدر ثلث الإجارة وعتق ما بقي من ثلثه، ويخدم المستأجر ثلثه، فإذا تمت الإجارة بيع على الورثة ما رق لهم إلا أن يسلموا قبل ذلك فيبقى لهم، قال اللخمي‏:‏ الإسلام إما قبل التدبير أو بعده أو قبل الشراء، والخلاف في الثلاثة فإن أسلم بعد التدبير، قيل‏:‏ يبقى مدبرا،

وقيل‏:‏ يباع وإن أسلم قبل التدبير لم يبع قولا واحدا، وهل يواجر إلى موت سيده أو يعجل عتقه‏؟‏ قولان والمسلم قبل الشراء والتدبير فيه ثلاثة أقوال‏:‏ يمضى تدبيره يعجل عتقه يبطل الشراء نفسه، وقال عبد الوهاب‏:‏ إذا أسلم بعد التدبير يتخرج فيه قول‏:‏ إنه يباع ويرفع ثمنه للنصراني كإسلام أم ولده؛ لأن حريتها أقوى من المدبر، قال ابن وهب‏:‏ هذا صواب ويباع؛ لأن العقد المتقدم كان بين كافرين والعتق فيه حق لله وهبة لسيد العبد وهبة للكافر، لا يلزم الفروع حالة كفره بخلاف العتق البتل، إذا حوز نفسه فإن الرجوع بعد الحوز تظالم، ولذلك قال مالك مرة في أم ولد النصراني‏:‏ إنها تباع ويتبع مكاتبه عبدا لا كتابة فيه، والكتابة أبين؛ لأنه جوزه نفسه‏.‏

فرع‏:‏

في الكتاب‏:‏ إن ادعى أن سيده دبره أو كاتبه لم يحلف السيد إلا أن يقوم شاهد كالعتق‏.‏

فرع‏:‏

قال ابن يونس‏:‏ قال مالك‏:‏ يجوز وطب المدبرة والموصى بعتقها؛ لأنه لا يزيدها إلا خيرا فتصير تعتق من رأس المال، ويمتنع في المكاتبة والمعتقة إلى أجل، والمعتقة بعضها، والمخدمة، والمشتركة؛ لتزلزل الملك في الجميع وتوقع العتق في حياة السيد بخلاف غيرهن لا يعتقن إلا بعد الوفاة وأم الولد لضعف الملك جدا، ويجوز وطؤها لتأخر عتقها بعد الموت، ويلاحظ فيهن شبه نكاح المتعة لتوقع العتق في الحياة وإبطال الحوز في الخدمة، ويرد عليه عتق المستأجرة‏.‏

فرع‏:‏

في المنتقى‏:‏ ولد المدبرة بمنزلتها، قال محمد‏:‏ إن دبرها على أن ولدها رقيق

فهو بمنزلتها ويبطل الشرط، كما لو قال‏:‏ أنت حرة على أن ما تكسبه لي‏.‏

فرع‏:‏

قال‏:‏ إن دبره واستثنى ماله جوزه مالك كالعتق، ومنعه ابن كنانة، وقال‏:‏ يتبعه ماله كما يمنع من انتزاع مال مدبره عند موته، قال ابن القاسم‏:‏ وإذا استثناه في التدبير قوم بغير مال وحسب ما بيده من مال السيد فيقوم المدبر دونها‏.‏

فرع‏:‏

في المنتقى‏:‏ إذا أخرج المدبر غيره خير سيده فإن أسلمه أسلم إليه خدمته؛ لتعلق التدبير بالرقبة ويقاصه من دينه لخراجه فإن أدى عند سيده رجع لسيده مدبرا، وإن أفتكه سيده رجع أيضا، وإن جنت حامل على رجل قال ابن القاسم‏:‏ يخير سيدها إذا وضعت، فإن أسلمها بغير ولدها ولم يؤد حتى مات سيدها وخرجت هي وولدها من الثلث أتبعت بقية الأرش، وإن ضاق الثلث عتق منها ومن ولدها بالحصص، ويتبع ما عتق منها بحصته من ذلك، ويخير الورثة في إسلام ما رق منها أو فداه بما عليه وإن مات السيد مدينا بيع منه ومن ولدها بقدر الدين ومنها خاصة بقدر الجناية، فإن كان مدبرا فمات سيده ولا مال له غيره عتق ثلثه، وقسم الجرح أثلاثا‏:‏ ثلاثة على ما عتق والباقي على ما رق، يخير الورثة فيه بين إعطاء ثلثي العقل وأمسكوا الثلثين أو أسلموا، فإن كان على السيد دين مع الجناية‏:‏ بيع من المدبر بقدر عقل الجرح وقدر الدين، ويبدأ بالعقل ثم الدين ثم يعتق ثلث الباقي، ويرق ثلثاه للورثة لتعلق الجناية بعين العبد والدين بذمة السيد، وإن كان في ثلث سيده ما يحمله عتق كله وكانت الجناية دينا عليه، وإن كان العقل ديته عتق له إذا لم يكن على سيده دين؛ لأن تأثير الدين في بيع المدبر أقوى من الجناية، لأن الدين ليس له غير ذمة السيد، وليس له غير العبد، والجناية تتعلق بالرقبة تارة وبالذمة تارة وبالخدمة

تارة فإن قتل سيده عمدا ففي الموازية‏:‏ لا يعتق في ثلث مال ولا دية ويباع ولا يتبع بشيء؛ لأنه استعجل ما أجله الله فيؤخذ بنقيض قصده، ولا يتبع لأن العبد فيما جنى أو أخطأ عتق في المال دون الدية، لأنه لا يعجل بقتل الخطأ فمنع الدية لوجوبها عليه، وإن جرح جنينا فأسلم لسيده ثم مات وعليه دين لا مال له غيره، فقال الورثة‏:‏ نسلمه للمجروح، وقال صاحب الدين‏:‏ أزيد على ذلك فهو أولى ويحط عن السيد قدر زيادة الغريم على دية الجرح فإن لم يرد لم يأخذ العبد، والمجني عليه أولى به؛ لأنه محل الجناية، والدين في الذمة إلا أن يريد الغرماء فيعطى من ذلك الأرش للمجروح ويحط الزيادة عن السيد ويأخذ الغريم العبد، وإذا جرح المدبر وله مال، وامتنع سيده من فدائه فللمجروح أخذ مال المدبر في جرحه، فإن وفي بقي المدبر لسيده، وإلا استعمل المدبر فيما‏.‏

وفي الجواهر‏:‏ إذا أسلم خدمته ثم عتق من ثلث سيده، قيل‏:‏ لا يتبع بما بقي من أرش فإن جرح اثنين تحاصا في خدمته، فإن جرح واحدا فأسلم إليه ثم جرح آخر تحاصا ببقية جناية الأول، وحمله جناية الثاني بخلاف القن؛ لأنه يملكه المجني عليه إذا أسلم إلية، وإذا جنى خير هذا الذي ملكه كما خير الأول، وفي المدبر يأخذ الخدمة أولا فأولا ولا يكون أولى بالمستقبل، وخرج الشيخ أبو القاسم المدبر على القن فإن افتكه اختص بخدمته أو أسلمه بطل حقه، فإن جنى المدبر الصغير الذي لا يعمل روى أشهب‏:‏ لا يسلم حتى يبلغ الخدمة؛ لعدم الفائدة فإن مات قبل سقطت الجناية، وكذلك المدبرة التي لا عمل عندها، قيل‏:‏ قد يموت سيدها أو يصيب مالا، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ لا تسلم خدمة المدبر كأم الولد، وعلى السيد الأقل من أرش الجناية أو قيمة الرقبة، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ يسلمه لأنه عنده عتق إلى أجل وكل عتق إلى أجل متعين الوجود أم لا، له الرجوع فيه‏.‏

وفي الجلاب‏:‏ إذا أسلم خدمته للمجني عليه فمات السيد وخرج من ثلثه عتق وبقيت الجناية في ذمته؛ لأنه الجاني، وقيل‏:‏ لا شيء عليه لتوجه؛ الجناية للخدمة أولا دون الرقبة فلا يتغير متعلقها، وإذا جنى على واحد بعد واحد يتخرج فيه قول إن عزا المجروح الأول في افتكاكه وإسلامه فإن أفتكه اختص بخدمته أو أسلمه بطل حقه من خدمته، وإن جنى على سيده وبطلت خدمته بالتدبير، واختدمه بالجناية، وقامه من أجرتها بأرشها قاله ابن القاسم، وقيل‏:‏ لا يضمن لسيده أرش جنايته؛ لأنه لو فداه من أجنبي لم يتبعه بما فداه، وإن خرج السيد مدبره لم يضمن له أرش جراحه، وإن قتله فلا ضمان عليه؛ لأنه لو ضمن شيئا لأخذه فلا فيه، وإن قتل المدبر سيده عمدا بطل تدبيره؛ لأنه أراد أن يعجل ما أجله الله فيؤاخذ بنقيض قصده كالوارث أو خطأ لم يبطل تدبيره‏.‏

فرع‏:‏

في الجواهر‏:‏ التدبير يرتفع بقتل السيد عمدا وباستغراق الدين له وللتركة وبمجاوزة الثلث يرفع كمال الحرية‏.‏

تمهيد‏:‏

خالفنا ‏(‏ح‏)‏ إذا مات السيد عليه دين يغترقه قال‏:‏ يستسعى للغرماء فإذا أعتق على قاعدته في المعتق بعضه‏.‏

لنا‏:‏ أن التدبير في معنى الوصية والدين مقدم عليها، وإحالة الغرماء على سعاية قد لا يحصل مفسدة عليهم، وإلزام العبد ما لم يجز ظلم عليه، وافقنا ‏(‏ش‏)‏ في حمل المدبرة إذا وضعته لأقل من ستة أشهر بعد التدبير، أنه يتبعها في العتق، وإذا ملك السيد المدبر أمة فوطئها فأتت بولد فله قولان في ملكه بالتمليك فعلى القول بعدم الملك الولد ملك للسيد وإلا فالولد في ملكه، ولا يعتق عليه عبده؛ لأن ملكه غير تام، وله في تبقيته في التدبير

قولان بناء على أن العبد لا يتبعه ولده في الرق والحرية وإنما أمه، وله في بيع ولد المدبرة من نكاح أو زنا قولان لنا‏:‏ القياس على أم الولد يتبعها ولدها من غير السيد عنده‏.‏

كتاب الكتابة

وفي التنبيهات‏:‏ هي مشتقة من الأجل المضروب، والكتابة‏:‏ الأجل لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم‏)‏ أي‏:‏ التزمتم الصيام كما التزمه الذين من قبلكم و‏(‏كتب ربكم على نفسه الرحمة‏)‏ والعبد ألزم نفسه المال، أو من الكتابة لا يقع بمكتوب‏.‏

ويقال في المصدر‏:‏ كتاب وكتابة وكتب ومكاتبة، وقال غيره‏:‏ من الضم، ومنه سمي الجيش‏:‏ كتيبة لضم بعضه لبعض، والنجوم يضم بعضها لبعض، وكانت العرب لا تعاني الحساب وتعرف الأوقات بطلوع النجوم فسميت الأوقات نجوما، وكانت في الجاهلية فأقرها الإسلام‏.‏

وأصل جوازها‏:‏ الكتاب والسنة والإجماع‏.‏ فالكتاب‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏(‏والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا‏)‏ والخير‏:‏ قيل‏:‏ الدين ليتخلصوا لطاعة الله تعالى، وقيل‏:‏ المال ليتم العقد‏.‏ والسنة‏:‏ قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم‏)‏ وأجمعت الأمة على جوازها‏.‏

النظر في أركانها وأحكامها

النظر الأول‏:‏ في الأركان

وهي أربعة‏:‏

الركن الأول‏:‏ الصيغة، وفيه ستة فروع‏:‏

الأول‏:‏ في الجواهر‏:‏ هي أن تقول‏:‏ كاتبتك على خمسين في نجم أو نجمين فصاعدا كل نجم كذا، وإن لم يقبل أن أديت حرة، قال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ لا يجوز إلا على نجمين، ولا يجوز نجم ولا الحالة، لما روي عن عثمان - رضي الله عنه - أنه غضب على عبده فقال‏:‏ لا عاقبتك ولا كتابتك على نجمين فدل على أنه لا يجوز أقل من ذلك ولا يعاقبه بالتضييق به، وعن علي - رضي الله عنه - أنه قال‏:‏ الكتابة على نجمين والإتيان من الثاني، ووافقه ابن حنبل على منع الحال، ووافقنا ‏(‏ح‏)‏‏.‏

احتجوا‏:‏ بالأثر السابق، ولأنه يعجز عن أدائه فينفسخ العقد ويبطل المقصود فيمتنع كالسمك في الماء، والطير في الهواء بخلاف بيعه من نفسه، فإنه لا ينفسخ بالعجز، والجواب عن الأثرين‏:‏ أما أثر عثمان - رضي الله عنه - فإنه يدل على أن ذلك تضييق على ذلك العبد لقصور قدرته على الحلول، وأما أثر علي - رضي الله عنه - فهو إنما يدل على نفي الحلول بمفهومه لا بمنطوقه وهو خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، وأما التعجيز‏:‏ فذلك غير لازم في جميع الصور فلا تحصل هذه الدعوى من هذا الدليل، ويؤكد ما قلنا‏:‏ القياس على البيع وسائر المعاوضات، وبالقياس على ما أدى قال‏:‏ أنت حر على مال، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ كاتبتك على كذا ليس صريحا فلا يعتق بالأداء حتى يقول السيد‏:‏ نويت إن أدى فهو حر لدوران كاتبتك، بين الكتابة، ومخارجة العبد، والكتابة بالقلم فلا تنصرف لأحدهما إلا بالنية، ووافقنا ‏(‏ح‏)‏‏.‏

والجواب‏:‏ أنه مشتهر في العرف في الكتابة المخوصة فتنصرف إليه من غير نية كالمخالعة تحتمل خلع الثياب وغيرها، وهي تنصرف لزوال العصمة، وإن لم يقل‏:‏ إذا دفعت العوض فأنت طالق‏.‏

الثاني‏:‏ في الجواهر‏:‏ أنت حر على ألف، قيل‏:‏ يعتق في الحال، والألف في ذمته؛ لأن له انتزاع ماله وعتقه، ولو باعه من نفسه صح وله الولاء، وكذلك إن دس من اشتراه أو اشترط أن يوالي من شاء؛ لأن السيد هو المعتق فله أخذ ماله من غير بيع‏.‏

الثالث‏:‏ في الكتاب‏:‏ إن اشترط أنه إن عجز عن نجم رق وإن لم يؤد نجومه إلى أجل كذا فلا كتابة له، لم يكن له تعجيزه بما شرطت، ويعجز السلطان بعد أن يجتهد له في التلوم بعد الأجل فإن رجاه وإلا، لأنك تتهم في تعجيزه وانقطاعه كذلك، قال ابن يونس‏:‏ قال بعض فقهائنا‏:‏ إن شرطت عليه إن شرب خمرا أو نحوه فهو مردود للرق ففعل لا يرده في الرق، بخلاف العتق إلى أجل فيشترط عليه إن أبق فلا حرية له، والفرق‏:‏ أن الثاني ضرر عليك‏.‏

الرابع‏:‏ إن شرطت وطئها مدة الكتابة بطل الشرط دون الكتابة، كما لو أعتقها إلى أجل على أن يطأها، وقال ‏(‏ش‏)‏ و‏(‏ح‏)‏‏:‏ الكتابة فاسدة لمناقضته له، لأن شأن الكتابة حوز النفس‏.‏ وجوابه‏:‏ أن ذلك اشترط منفعة من منافعها، وذلك لا يناقض العقد، كما لو شرط أن يزوجها من غلامها ويستخدمها، أو شرط‏:‏ أيما ولدت في كتابتها رق لك؛ لأنها لا تنفسخ بالغرر كما تنفسخ بالبيع إذا شرط وطئا، قال ابن يونس‏:‏ ويكون الولد المشترط تبعا لأمه، ولا يجوز استثناء ما في بطنها ويبيعها، وعن مالك في هذا كله‏:‏ تفسخ الكتابة إلا أن يرضى السيد بإسقاط الشرط، وقال أشهب‏:‏ تنفسخ ولو بقي منها درهم إلا أن

يرضى السيد بإسقاط الشرط فإن لم يعلم بها حتى أدى المكاتب تبعها الولد، وقال محمد‏:‏ إذا أدى ولو نجما بطل الشرط وصحت الكتابة، وقيل ذلك يجير السيد بين إبطال الشرط والكتابة، قال ابن القاسم وأشهب‏:‏ لو كان الشرط من المكاتب إن مات له زوجته وهي أمة السيد وهو معه في الكتابة فذلك جائز، فإن باعها السيد أو وهبها، لم يدخل ما تلد بعد ذلك في الكتابة، قال محمد‏:‏ وإن كاتب السيد امرأته على حدث سقط شرط الزوج في ولدها المولود بعد كتابتها، ويعتق الولد مع أولهما عتقا، ويسعى معهما معونة لهما، ويرث من مات من أبويه قبل العتق، وإذا أعتق مع أولهما لم يبق له مع الثاني سعاية ولا موارثة، وما ولدته بعد إسقاط الشرط ففي كتابتها خاصة‏.‏

الخامس‏:‏ في الكتاب‏:‏ إن كاتبه على خيار أحدكما شهرا أو يوما كان كالبيع، وبالأول لأنها مبنية على المسامحة، وما ولدت في الخيار دخل في كتابتها إن أمضاها من له الخيار، وإن كرهت يدخل في البيع ما ولدت المبيعة في الخيار، وولد المكاتبة في الخيار أبين، وقال غيره‏:‏ لا تدخل؛ لأنه لم تتم الكتابة إلا بعد الولادة، وكذلك الولد في البيع للبائع، ولا ينبغي للمبتاع أن يختار الشراء للتفرقة، قال ابن يونس، قال أشهب‏:‏ الولد للسيد ولا يدخل في الكتابة، وكذلك أرش جنايتها وما وهب لها، والولد في بيع الخيار للبائع، ولا ينبغي للمشتري أن يختار البيع للتفرقة فإن فعل فإما أن يضم المشتري الولد إلى أمه أو يأخذ البائع الأم فيجمعان في حوز أحدهما، وإلا نقضت البيع، قال ابن القاسم‏:‏ الهبة والصدقة في أيام الخيار للبائع بخلاف الولد، وهو رجوع لأشهب يرى في الخيار أن العقد يوم وقع الاختيار، وابن القاسم يرى أن الاختيار مضى للعقد الأول فكأنه لم يزل منعقدا، والفرق عنده بين الهبة والولد‏:‏ أن مال العبد للبائع فحمل ما طرأ له للبائع والولد لم يكن له، قال ابن القاسم‏:‏ أرش ما جنى عليهما في أيام الخيار وفي عهدة الثلاث للبائع؛ لأنها في ضمانه وعليه نفقتها، قال اللخمي‏:‏ يجوز الخيار وإن بعد وهو عند ابن القاسم بخلاف البيع؛ لأن الخوف في البيع من بيع معين فتأخر ضمانه على البائع فيزيد في الثمن لمكان

الضمان، وفي الكتابة‏:‏ الضمان من السيد قبل الكتابة وبعدها، وليس للسيد انتزاع ماله في زمن الخيار، بل الخيار في العقل والمال أربعة‏:‏ متقدم لا ينزع إلا أن يريد الكتابة أو حدث من خراجه محمل يده فينتن أو حدث من غلة ثالث بحبلته أو عبيده فلا ينتزعه، واختلف في الهبة والصدقة قال‏:‏ وأراهما للسيد إلا أن يقصد الدافع العون في الكتابة، وإن لم يمض الكتابة من له الخيار فللواهب والمتصدق رده‏.‏

السادس‏:‏ في المنتقى‏:‏ إذا شرط عليه أن لا يسافر صح العقد والشرط، وأبطل ‏(‏ح‏)‏ الشرط دون العقد، وجعل له السفر، وعندنا‏:‏ يمنع من سفر بعيد يحل فيه نجم إلا بإذن سيده وهو سوى بين السفرين، وعند ‏(‏ش‏)‏ في السفر والشرط قولان‏.‏

لنا‏:‏ قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏المكاتب عبد ما بقي عليه شيء‏)‏ والعبد لا يسافر إلا بإذن سيده، والتقوى قبل الكتابة على ذلك، والأصل‏:‏ بقاؤه، ولأن السفر غرر وخطر وربما أتلف أمواله فيه أو حلت الكتابة له‏.‏ احتجوا‏:‏ بأنه مالك التصرف فيما يتوصل به إلى الأداء، ومنه السفر، وجوابه‏:‏ أن الملك السيد، والغالب أنه لم يملكه الخطر بشهادة العادة‏.‏

تفريع‏:‏

إن شرط أن لا يسافر، ولا ينكح، ولا يخرج من أرضه إلا بإذنه فإن فعل فله إبطال كتابته، قال مالك‏:‏ إبطالها إن فعل ويرفعه للسلطان، وليس له أن يفعل ذلك إلا بإذنك شرطه عليه أم لا؛ لأنه قد يضيع ماله في الصداق وغيره، وكذلك لو شرطت ولاؤه لغيرك بطل الشرط دون العقد، والرفع للسلطان لينظر‏:‏ هل لك منعه من ذلك أم لا‏؟‏ لا تنفسخ الكتابة ولا يتزوج المكاتب إلا بإذن سيده، وقاله ‏(‏ش‏)‏، ولك إجازته وفسخه كالقن، والزوجة بعد الدخول بما استحل به وهو ربع

دينار، فإن أديت له ومعه غيره في الكتابة؛ قال أشهب‏:‏ ليس لك إجازة ذلك إلا بإجازة من معه، إلا أن يكونوا صغارا، فيفسخ بكل حال‏.‏

الركن الثاني‏:‏ العوض، وفي الجواهر‏:‏ شرطه أن يكون دينا منجما ومؤجلا، قال ابن القصار في تعليقه‏:‏ التأجيل والتنجيم ظاهر قول مالك وشيوخنا، وقال القاضي في الإشراف‏:‏ ليس عن مالك نص صريح في الحالة وأصحابه يجيزونها، وهو وأصحابنا جوزوا الحالة، وقاله ‏(‏ح‏)‏، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ لابد من نجمين، وتقدم البحث في الركن الأول‏.‏

وفي الركن سبعة فروع‏:‏

الأول‏:‏ في الكتاب‏:‏ يجوز على وصف حمران أو سودان من غير وصفهم، وله الوسط من ذلك الجنس كالنكاح، ووافقنا ‏(‏ح‏)‏ وابن حنبل، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ لابد من ذكر أوصاف السلم‏.‏ لنا أن العتق معنى لا يلحقه الفسخ فجاز أن يكون العبد المطلق عرضا كالغرة‏.‏ احتجوا‏:‏ بالقياس على البيع والإجارة‏.‏

وجوابه‏:‏ الفرق بأن الكتابة مبنية على المسامحة، لأنه بيع ماله بماله، ومقصودها المهم‏:‏ العتق فلا يضر الغرر في المالية بخلاف البيع مقصوده‏:‏ المالية والمكايسة، وفي الكتاب‏:‏ إن أوصى أن يكاتب عبد كوتب بكتابة مثله في أدائه، وإن كاتبه على قيمته جاز وينجم عليه الوسط من قيمته، ومنعه ‏(‏ح‏)‏ للجهالة‏.‏

لنا‏:‏ القياس على الوصف أو لأنها معلومة غالبا، ويجوز على عبد فلان بخلاف النكاح؛ لأنه لا يجوز خلوه عن العوض، بخلاف العتق، ويمتنع على لؤلؤ غير موصوف لتفاوت الإحاطة بصفته‏.‏ في التنبيهات‏:‏ قيل قوله‏:‏ في اللؤلؤ مخالف لجواز السلم فيه، والفرق‏:‏ أنه في السلم يوصف، وهاهنا غير موصوف فيتعذر ضبط وسطه لاختلاف أجناس وسطه وأيسر تفاوته عظيم، بخلاف الوصف أو سوى غيره بينهما، واتفق جماعة منهم إذا لم يسم عدد

اللؤلؤ أو وزن جملته امتنعت الكتابة، واختلفوا إذا لم يسم عدد الوصف، فقيل‏:‏ تمتنع الكتابة، وقيل‏:‏ تجوز وله كتابة مثله وصفا، قال ابن يونس‏:‏ إن لم يصف الجنس وفي البلد سودان وحمران من غير غلبة أحدهما‏:‏ أعطى النصف من كل جنس كالنكاح، قال بعض أصحابنا‏:‏ إذا لم يذكر عدة الوصف فله عليه كتابة مثله وصفا ما لم ينقص عن وصفين، وكذلك قول غيره في اللؤلؤ ما لم ينقص عن لؤلؤتين، وجعله مثل ما إذا أوصى أن يكاتب ولم يسم ما يكاتب به، وقيل‏:‏ لا يجوز ذلك في الصحة، ويجوز في الوصية لتعذر مراجعة الميت في إرادته‏.‏

وفي الكتاب‏:‏ إن كاتبه على ألف درهم ولم يذكر أجلا نجمت عليه، وشأن الكتابة‏:‏ التأجيل، وكذلك إن أوصى أن يكاتب بألف درهم ولم يضرب أجلا‏.‏ ومن هاهنا قيل‏:‏ إن ظاهر المذهب منع الكتابة الحالة، قال سحنون‏:‏ وإن كاتبه على عبد فلان، ولم يصل إليه فعليه قيمته، ومنعه أشهب للخطر وتفسخ الكتابة، قال محمد‏:‏ وإن لم يشترط ودى قيمته ولا يفسخ، وقال ابن ميسر‏:‏ لا يتم له شيء إلا بعبد فلان، كما قال ابن القاسم إذا كاتبه على عبد آبق أو بعير شارد، ولم يأت به فقد عجز، قال اللخمي‏:‏ وكره أشهب البعير الشارد ونحوه، وقول ابن القاسم أحسن؛ لأن له انتزاع ذلك منه بغير عتق فإذا أعتقه عليه فقد تفضل عليه، وجوزها ابن القاسم على إتيانه بعبده الآبق؛ لأن له إجباره على طلبه، ويجوز على أن يغرس أرضه وديا فإذا بلغت فهو حر، واختلف في هذا الأصل هل هي كتابة فتثبت عند الفلس والموت أو عدة فتبطل‏؟‏ قولان لابن القاسم، ومنه‏:‏ تربية البقر حتى تسير عددا كذا، وإذا كاتبه بقيمته قوم بالحال؛ لأنه أصل القيم ثم ينجم وإن سمى النجوم ولم يسلم ما يؤدي فيها، جعل عليه ما يستطيعه‏.‏

الثاني‏:‏ في الكتاب‏:‏ إن أعتق بأداء العبد الموصوف فوجد معيبا رده واتبعه بمثله، ولا يرد العتق، وكذلك النكاح؛ لأن العقد في الذمة، وإن كاتبه على طعام

مؤجل فله مصالحته على دراهم معجلة، ولا يبيعه من أجنبي؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه، ويجوز فسخ العين أو العرض حل أم لا في عرض نقدا أو مؤجلا مخالفا للعرض الذي عليه أو من صنفه، بخلاف البيوع؛ لأنه فسخ دين في دين، ولا تبعه من أجنبي إلا بثمن معجل، ويجوز أن يضع عنه ويتعجل أو يؤخر ويزيدك وتفسخ الدنانير في دراهم إلى أجل، ويعجل عتقه لأنها ليست بدين ثابت، لأنه لا يحاص بها في الفلس ولا الموت، وإنما هي كمن قال‏:‏ إن جئتني بكذا فأنت حر ثم قال‏:‏ إن جئتني بأقل فأنت حر، ولك مقاطعته بما عليه في عمل يعمله أو حفر بئر طولها كذا‏.‏

فائدة‏:‏ في التنبيهات‏:‏ القطاعة بفتح القاف وكسرها؛ لأنه قطع طلب سيده عنه بما أعطاه أو قطع له بتمام حريته بذلك أو قطع بعض ما كان له عنده، وجوزها مالك بما يجوز بينك وبين غريمك عجلت العتق بذلك القبض، أو أخرته بتأخير بعضه عجل قبض ما قاطع عليه أو أخره، ومنعها سحنون إلا ما يجوز بينك وبين غريمك الأجنبي، وقاله ‏(‏ش‏)‏ قياسا على البيع‏.‏

فائدة‏:‏ الفعالة بفتح الفاء‏:‏ السجايا الخلقية كالشجاعة والفسالة والنجابة، وبكسرها‏:‏ الصنائع كالنجارة والخياطة والصياغة، وبضمها‏:‏ لما يطرح كالنخالة والفصالة والنحالة والزبالة، وهذه الاستعمالات لغة لكثرته غير مطردة، والقطاعة‏:‏ هي بيع الكتابة بشيء آخر فهي نحو من الصناعة والتجارة، فالكسر فيها أنسب، قال ابن يونس‏:‏ قال سحنون‏:‏ إذا كانت القطاعة يعملها سيده امتنع؛ لأن كل خدمة تبقى بعد عتقه فهي ساقطة، وإن كانت عليه دينا عاش أو مات جازت تعجيل العتق وإلا امتنع وكان دينا بدين، وقد كره مالك الربا بين العبد وسيده، قال ابن القاسم‏:‏ وإذا أحل لك مكاتبك بالكتابة على مكاتب له وله عليه

مثل ما على الأعلى امتنع إلا أن يثبت أخت عتق الأعلى، فإن عجز الأسفل كان رقا لك، ولا يرجع على المكاتب الأعلى بشيء؛ لأن الحوالة كالبيع وقد تمت حرمته، ومنع ابن القاسم الحمالة بالكتابة إلا على تعجيل العتق، وأما الحوالة على من لا دين له قبله فيمتنع؛ لأنها حمالة أو على من له عليه دين حال أو لم يحل جاز إن حلت الكتابة ويعتق مكانه، وكذلك إن حل عليه نجم ويبرأ من ذلك النجم، وإن كان آخر نجومه عتق مكانه، وإن لم يحل النجم لم يحل امتنعت الحوالة وإن حل الدين؛ لأنه فسخ دين لم يحل في دين حال أو لم يحل، وكره مالك بيع الكتابة من أجنبي بعرض أو غيره إلى أجل؛ لأنه دين بدين، ووسع فيه بينك وبين مكاتبك، وجوز أشهب الحوالة وإن لم تحل الكتابة ويعتق مكانه؛ لأنها ليست بدين ثابت، وكأنه عجل عتقه على دراهم نقد ومؤجلة، والكتابة دنانير لم تحل، فمن قال‏:‏ إن جئتني بدراهم فأنت حر ثم قال‏:‏ إن جئتني بعشرة دنانير فأنت حر، وإنما كرهه ابن القاسم فيما لا تعتق به كله مكانه‏.‏

الثالث‏:‏ في الكتاب‏:‏ إن كاتبه على خدمة شهر جاز عند أشهب، ولا يعتق حتى يخدم شهرا لأنه ظاهر الشرط، وقال ابن القاسم‏:‏ إن عجل عتقه على خدمة شهر بعد العتق بطلت الخدمة وهو حر؛ لأنه استثنى من الحرية الخدمة، والحرية لا يستثنى منها وكما لو قال على أن أطال، وإن أعتقه بعد الخدمة لزمت العبد الخدمة لوقوعها في زمن الرق وكل خدمة اشترطها بعد أداء الكتابة بطلت أو في كتابة فأدى الكتابة قبل تمامها سقطت، في النكت‏:‏ قال بعض شيوخنا‏:‏ إذا كاتبه على خدمة شهر لا يختلف ابن القاسم وأشهب إلا في وجه واحد‏:‏ إذا عجل قيمة فيتعجل عتقه عند أشهب كتعجيل الكتابة، ولا

يتعجل عند ابن القاسم، قال بعض شيوخنا والمكاتب إلى مدة يخدمها معلومة‏:‏ له حكم المكاتب؛ لأنه المعتق إلى أجل لإشعار لفظ الكتابة بإرادة السيد لذلك فيجوز ماله وينفق عليه نفسه، وقوله‏:‏ إذا عجل الكتابة سقطت الخدمة‏:‏ إنما يصح في الخدمة اليسيرة؛ لأنها في حيز التبع، فإن كان الأقل مالا والأكثر خدمة فلا‏.‏

قال ابن يونس‏:‏ إذا ادان له حكم المكاتب لا المعتق إلى أجل، ينبغي أن يكون له التعجيل قيمة الخدمة، وإنما يمتنع إذا قال‏:‏ اخدمني شهرا وأنت حر؛ لأنه معتق إلى أجل، قال مالك‏:‏ وإن كاتبه وشرط عليه أسفارا وضحايا فأدى الكتابة وعجل الضحايا عتق وسقطت الأسفار، وعنه‏:‏ إذا لم تحل الضحايا، وعجل قيمتها عتق والقيمة على أنها حالة، وعن ابن القاسم‏:‏ إن شرط عليه خدمة أربعة أيام كل أسبوع مدة الكتابة فقط، والأضحية ما عاش لزمه، فإن أدى الكتابة قبل محلها أو بعده سقطت الخدمة، ويعمر المكاتب، وتؤدي قيمة الضحايا في تعميره معجلة، ولا يعتق حتى يؤديها قاله مالك، وقال ابن القاسم‏:‏ يؤدي القيمة حالة إلى أجلها، قال ابن القاسم‏:‏ وإن شرط أن لا يخرج من خدمته حتى يؤدي لا يفسخ بذلك، ولزم الشرط، قال محمد‏:‏ سقطت الخدمة إذا بقيت بعد الأسفار؛ لأنها بقيت من الرق وقد أمر الشرع بتكميل العتق على معتق بعضه حتى لا يبقى فيه شيء من الرق، إلا أن يشترط العتق بعد أداء الخدمة والأسفار فيلزمه ولا يعتق حتى يفعل ذلك أو يعجل قيمته، وعن مالك‏:‏ ابن لي هذه الدار وأنت حر، فمرض فله أن يأتي بمن يبني وإن كره السيد، قال أحمد ابن ميسر‏:‏ هذا في العمل المفهوم كالبناء بخلاف الخدمة إلا أن يرضى السيد؛ لأنه معتق إلى أجل‏.‏ قال ابن يونس‏:‏ التفرقة التي في الثلث بين الخدمة اليسيرة وغيرها‏:‏ مخالفة للتعليل محمل ببقاء الرق فإن الرق يكمل

حريته، وإن بقي الأكثر، قال اللخمي‏:‏ إن كاتبه على خدمة هذا الشهر فمرض أو أبق لم يعتق بخلاف المعتق إلى أجل؛ لأنه مكاتب لم يؤد ما عليه فإن أعطى قيمة ذلك الشهر عتق استحسانا، وإن قال‏:‏ على خدمة شهر فمرض بعد العقد شهرا على سنة الكتابة فإن اعترفت أنه أراد تعجيل العتق عتق وسقطت الخدمة، وفي الموازية‏:‏ إذا اشترط مع المال أسفارا فأدى، لا يعطيه مكان الأسفار شيئا، وعلى هذا يعطيه قيمة الخدمة‏.‏

الرابع‏:‏ في الكتاب‏:‏ إن كاتب على ألف على أنه إذا أدى وعتق فعليه مائة جاز، كمن أعتقه على أن عليه مائة، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ وسعه بالمال، ولا يحاص به الغرماء، قال سحنون‏:‏ قول مالك‏:‏ أنت حر وعليك أو أنت حر على أن عليك سواء، وهو حر وعليه ما سمي، وقال ابن القاسم‏:‏ يخير العبد في‏:‏ على أن عليك في العتق والإتباع بذلك أو يبقى رقا‏.‏

الخامس‏:‏ في المقدمات‏:‏ يمتنع بالغرر والمجهول إلا أن يستخف فإن كان حقهما أو حق السيد نحو الكتابة إلى موت فلان بكذا، أو إلى أجل معلوم بالشارد والآبق، أو جنين في بطن أمه لفلان فيمتنع اتفاقا، أو في حق المكاتب خاصة كالمكاتبة إلى معلوم على عبد فلان، أو يأتيه بعبده الآبق، أو‏:‏ إن بلغت البقرات كذا إلى أجل كذا فقولان‏:‏ الجواز لابن القاسم، والمنع لأشهب، وأما إن كان الآبق للعبد وبدأ إليه منه الآن فهو حر، والآبق للسيد وجده أم لا، لأنه أعتقه وانتزعه منه‏.‏

السادس‏:‏ قال البصري في تعليقه‏:‏ إذا كاتبه على ميتة، أو موقوذة ودفع العبد ذلك رجع السيد عليه بالقيمة، كما يقوله في الخمر والخنزير، وقاله ‏(‏ش‏)‏ قياسا على الخمر والخنزير، وكالخلع والنكاح، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ لا يرجع في الميتة لأنها شرط لا عوض، لعدم قبولها للعوض بخلاف الميتة والخنزير، له ماله عند الذمة‏.‏

السابع‏:‏ قال‏:‏ إذا وجد العوض معيبا وليس معه ماله رد عتقه، وقاله ‏(‏ش‏)‏، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ لا يرد‏.‏ لنا‏:‏ أن العوض لم يحصل فلا يعتق كما إذا كاتبه على عوض فلم يؤده‏.‏ احتجوا‏:‏ بأنا قد حكمنا بالعوض فلا يرد، جوابه‏:‏ حكمنا به ظاهرا لا باطنا فيرد كما لو حكمنا ثم ظهر كذب البينة‏.‏ في الجواهر‏:‏ إن كاتبه على أن يشتري منه شيئا بنصف الكتابة‏:‏ لم يلزمه الشراء، وإن كاتبه وباع شيئا على عوض واحد دفعة واحدة صح ولزم البيع، والكتابة كالبيع والإجازة‏.‏

الركن الثالث‏:‏ المكاتب، وفي الجواهر‏:‏ شرطه أن يكون مكلفا، أهلا للتصرف؛ لأنها عقد، ولا يشترط أهلية التبرع؛ لأنه لم يتعين بل ربما أخذ أضعاف قيمة العبد وهو الغالب‏.‏

وفي الركن ستة فروع‏:‏

الأول‏:‏ في الكتاب‏:‏ إذا كاتب الشريكان معا امتنعت مقاطعة أحدهما على حصته إلا بإذن شريكه؛ لأنه تصرف في المال المشترك فإن أذن له فقاطعه من عشرين مؤجلة في حصته على عشرة معجلة، ثم عجز المكاتب قبل أن يقبض هذا مثل ما أخذ المقاطع خير المقاطع بين أن يؤدي لشريكه ما أخذ ويبقى العبد بينهما، أو يسلم حصته من العبد إليه رقيقا، وإن مات المكاتب عن مال فللآخر أن يأخذ منه جميع ما بقي له من الكتابة بغير حطيطة حلت أم لا؛ لأن الموت يوجب الحلول والمالك ماله بينهما على قدر حصتهما في المكاتبة لأنه مات رقيقا، وإن حل نجم فقال‏:‏ آتوني به وخذ المستقبل ففعل، ثم عجز عن النجم الثاني رددت نصف ما قبضت؛ لأنه سلف منه لك ويبقى العبد بينكما، ولا خيار للمقتضي بخلاف القطاعة، وهو كالمال منجم بدأ أحدهما بنجم على أن يأخذ الآخر النجم الثاني ففلس الغريم في الثاني رجع على صاحبه، وإن أخذ أحدهما من المكاتب جميع حقه بعد محله بإذن صاحبه وأخذه صاحبه، ثم عجز المكاتب فلا رجوع للذي أخره على المقتضي، ويعود العبد بينهما، كقبض أحدهما من غريمهما حظه بعد محله وأخذه الآخر، ثم فلس الغريم فلا رجوع على المقتضي بشيء؛ لأنه لم يسلفه شيئا بل أغر غريمه، وإن تعجل أحدهما جميع حقه من النجوم قبل محله بإذن شريكه، ثم عجز المكاتب عن نصيب

شريكه فهذا يشبه القطاعة، وقيل‏:‏ كالقطاعة وبعد ذلك سلفا من المكاتب المعجل، والقطاعة التي أذن فيها أحدهما لصاحبه كالبيع؛ لأنه باع حظه على ما تعجل منه، ورأى أن ما قبض أفضل له من حظه في العبد إن عجز، قال ربيعة‏:‏ قطاعة الشريك بخلاف عتقه لنصيبه، بل كشراء العبد نفسه‏.‏

في التنبيهات‏:‏ إنما قال في المقاطع بإذن شريكه إن أحب أن يرد ما أخذ، ويكون العبد بينهما قائما يرد ما أخذ حتى يساوى مع الذي لم يقاطع، ولو كان الآخر قبض أقل مما قاطع الآخر فإنه يرد عليه بقدر ما يشتري معه وهو نصف ما فضل به‏.‏

في النكت‏:‏ إذا قاطعه بإذن شريكه، ثم قبل المكاتب قبل أن يؤدي الشريك الآخر فهو مثل عجزه لا كموته؛ لأن القيمة المأخوذة من القاتل عوض من رقبته، فإن حصل من قيمته مثل ما قبضه المقاطع فلا مقام لمن يقاطع أو أقل أو أكثر فهو كما قاله في الكتاب في عجزه، قال ابن يونس‏:‏ قال محمد‏:‏ إن قاطعه على عرض أو حيوان من العشرين التي له نظر إلى قيمة ذلك نقدا يوم قبضه، ثم رد فضلا إن كان وأخذ حصته من العبد، وإن قاطعه على مثلي رد مثله ورد الآخر كل ما قبض يكون بينهما نصفين مع رقبة العبد إلا أن يشاء أن يتماسك بما قاطعه به ويسلم حصته، وإذا قاطعه بإذن شريكه فاقتضى المتمسك أكثر مما أخذ المقاطع أو مثله ثم عجز المكاتب لم يرجع المقاطع على المستمسك بشيء مما عنده من الفضل، ولو لم يأخذ المقاطع جميع ما قاطعه عليه حتى مات، ولم يترك إلا أقل مما بقي عليه من الكتابة تحاصا فيه جميعا بما بقي من القطاعة والكتابة فإن لم يقبض المقاطع شيئا، وقبض الذي لم يقاطع ثم عجز قبل أن قبض الذي لم يقاطع عند حلول كل نجم فلا رجوع للمقاطع عليه؛ لأنه رضي بتأخير المكاتب وترك لصاحبه ما أخذ، وإن تعجل قبل الحلول أخذ المقاطع نصف ما اقتضى، قال ابن يونس‏:‏ وأرى إن اقتضى نجما مما حل عليه فللمقاطع محاصته فيه بقدر ما قاطعه، والمتمسك بقدر النجم المحال؛ لأنه حل لهما فيتحاصان فيه بقدر ما حل لكل واحد، وإن عجله قبل محله فللمقاطع أن يأخذ منه قدر ما قاطعه عليه وما

فضل للمتمسك؛ لأن حق المقاطع قد حل وحق الآخذ لم يحل فتعجيله هبة، للمقاطع رده، وهذا لم يكن له مال غيره ولا أخذ المقاطع منه حقه، وتم للآخر ما عجل له فإن قاطعه بغير إذن شريكه وعلم بذلك قبل عجز المكاتب وموته ما قبضه المقاطع بينهما، إلا أن يسلمه له شريكه، ويتمسك بالكتابة فيصير كأنه قاطعه بإذنه، فإن لم يرض فله نصف ما أخذ المقاطع؛ لأن العبد وماله بينهما فليس لأحدهما أن يأخذ منه شيئا إلا بإذن شريكه، ولذلك امتنعت المقاطعة إلا بإذنه، قال محمد‏:‏ فإن قاطعه بغير إذن شريكه ثم عجز المكاتب أو مات وقد استوفى المتمسك مثل ما أخذ المقاطع أو ترك الميت ما يأخذ الآخر منه ما بقي له أو مثل ما أخذ فلا حجة للمتمسك قاله ابن القاسم وأشهب، واختلف إذا حجز ولم يأخذ المتمسك إلا أقل مما أخذ المقاطع، فخير ابن القاسم المتمسك بين الرجوع على البائع بنصف ما فضله به ويكون العبد بينهما، أو يتماسك بالعبد، ولا يكون للمقاطع نصف رد الفضل وأخذ نصيبه في العبد بخلاف المقاطع بإذن شريكه، ورواه عن مالك، وقال أشهب‏:‏ إذا تماسك هذا بالعبد رجع الخيار لمقاطعه فله رد نصف الفضل وله نصف العبد، قال مالك‏:‏ إن قاطع المكاتب أحدهما على نصف نصيبه على مائة والمكاتبة ثمانمائة، وأبقى الربع الآخر مكاتبا بإذن شريكه جاز، فإن عجز قبل أن يستوفي المتمسك شيئا‏:‏ خير المقاطع بين رد نصف ما قاطع به على شريكه ويبقى العبد بينهما ويبقى له ربع العبد، وللآخر ثلاثة أرباعه، فإن قبض منه المتمسك مثل ما أخذ المقاطع وذلك مائة خير المقاطع في عجزه بين سلامة ما أخذ المتمسك وله نصف العبد، ويأخذ ثلث المائة وله ربع العبد، وللآخر ثلاثة أرباعه، وكذلك إن قبض المتمسك مائتين فللمقاطع ثلثها وربع العبد، ويأخذ خمسين نصف ما فضله به فيستويان في الأخذ، ويكون العبد بينهما نصفين فإن قبض المتمسك ثلاثمائة أخذ منه المقاطع ما بقي لهما من العبد مكاتبا، وبقي العبد بينهما نصفين لاستوائهما في الأخذ، وإنما خير المقاطع إذا قبض مائتين فأقل؛ لأنه لم يقبض غير ما

قاطع عليه وحقه أن يأخذ الثلث من كل ما يقتضي؛ لأن له ربع العبد المكاتب، ولشريكه نصفه فإن شاء أخذ ذلك وله التمسك بما قبض وله ربع العبد، أو يرد ما فضل به صاحبه، ويكون له نصف العبد قاله محمد، قال ابن يونس‏:‏ ينبغي إذا عجز قبل أن يستوفي المتمسك أن يخير المقاطع لشريكه نصف ما فضله به، ويبقى العبد بينهما أو يبقى له ثلث العبد، وللآخر ثلثاه؛ لأنه أبقى ربع العبد مكاتبا، وللآخر نصفه مكاتبا فله مثل ما له فيكون بينهما أثلاثا، كما لو كان من ثلثة لواحد نصفه، وللآخر الربع فيقاطعه صاحب الربع بإذن شريكه ثم عجز العبد قبل قبض المتمسك شيئا، خير المقاطع بين أن يدفع لشريكه ما فضلهما به، ويبقى العبد بينهما كما كان أو يبقى العبد بين شريكه أثلاثا‏:‏ لصاحب الربع ثلثه، ولصاحب النصف ثلثاه، وكذلك إن كان بينهما فقاطع أحدهما نصف نصيبه، لأن المقاطع لما رضي بما قاطعه به فقد سلم ذلك الربيع لشريكه، لأن أخذ عوضه، قال محمد‏:‏ فإن قاطعه أحدهما بإذن شريكه من الأربعمائة حصته على مائة ثم زاد الآخر في النجوم على أن يزيده المكاتب على حصته مائة، ورضي شريكه جاز ولا يجوز على ما بين سحنون؛ لأنه لم يتعجل عتقه، قال محمد‏:‏ فإن عجز قبل أن يأخذ المزاد شيئا خير المقاطع بين نصف ما فضله به ويكون العبد بينهما، أو يتماسك ويسلم العبد، وإن قبض المزاد مثل ما أخذ المقاطع وأخذ جميع حقه الأول بلا زيادة، بقي العبد بينهما نصفين، وإن قبض أكثر الزيادة رد نصف ذلك للمقاطع، وبقي العبد بينهما نصفين فإن مات العبد قبل أن يأخذ المزاد شيئا وترك مالا فليأخذ منه المزاد جميع ما له عليه من حقه الأول، والزيادة والفاضل بينهما نصفان، وإن لم يترك شيئا لم يرجع المزاد على المقاطع بشيء فإن قتل العبد قال أبو عمران‏:‏ قيمته مثل تركته لا كرقبته؛ لأنها مال ومن جنس ما أخذ المقاطع، والرقبة تقع الرغبة فيها فلذلك خيرناه، وقيل هي كالرقبة فإن كان فيها مثل ما أخذ المقاطع أخذه

المتمسك أو أقل أو أكثر، فكالجواب في عجزه، قال‏:‏ والأول أصوب، فالمكاتبان يقتل أحدهما فقيمته كرقبته، وإن كان المكاتب بين ثلاثة‏:‏ قاطع أحدهما بإذن صاحبه، وتمسك الثاني، ووضع الثلث ثم عجز العبد قال ابن القاسم‏:‏ إن رد المقاطع نصف ما قاطع للمتمسك فالعبد بين الثلاثة بالسواء، وإن أبى فهو بين المتمسك والواضع نصفين؛ لأن المتماسك أحل أخذ، والواضع وضع حقه من المال دون الرقبة؛ لأن العبد لو أدى لم يكن له منه شيء وإن لم يقاطع، وإن عجز فهو على حقه من الرقبة، وإذا حل نجم فغلب بدأبه، وخذ المستقبل فعجز أو مات قبل حلول الثاني عليه لا يرد نصف ما قبضت قاله مالك، فإن حل الباقي قبل عجزه فتعذر عليه، وانتظر لما يرجى له فعلى الشريك أن يعجز لشريكه سلفه، ويتبعان جميعا المكاتب بالنجم الثاني، وعن ابن القاسم‏:‏ إذا تقدمه بنجم فحل نجم بعده، فقال له‏:‏ تقاص أنت وأنا، واقضي ما أسلفتك فليس ذلك عليه، ولا له قبله شيء إلا أن يعجز المكاتب فلو حل عليه نجم ولم يحل إلا نصفه، فقلت ائتوني وانظر أنت المكاتب أو سأله المكاتب ذلك فهو انتظار في الوجهين، ولا يرجع عليك إن مات أو عجز، ويكون العبد بينكما إذا لم يكن فيما جاء به زيادة على حق أحدهما فإن كانت فيه زيادة فأخذتها بإذن الشريك، واشترطت إنظار المكاتب لم يلزم ذلك في الزيادة؛ لأنها الذي لم يقتض، وهي محال بها فيما لم يحل فإن لم يدفعها المكاتب رجع بها الشريك، وإنما الإنظار فيما يحل، وإن سأل المكاتب أحدكما قبل محل في التأخير بحصته كلها حتى يتم اقتضاء الآخر فرضي لزمه بخلاف ما أحضره

المكاتب؛ لأنه بإحضاره وجب لهما، قال اللخمي‏:‏ إن كانت القطاعة على عشرين فقبض عشرة فعجز العبد فهو كمن قاطع على نصف نصيبه، واختلف فيه، فقيل‏:‏ يخير الأول بين رد خمسة، ويبقى العبد بينهما نصفين أو لا يرد ويكون له من العبد ربعه، وللمتمسك ثلاثة أرباعه، وقيل‏:‏ الربع بينهما أثلاثا، مفضوضا على ما بقي لكل واحد منه، وإن قاطعته على عشرين نقدا والآخر قاطعه على مائة إلى أجل، وتراضيتما بذلك جاز، قال محمد‏:‏ إذا كانت زيادة الثاني بعد قبض الأول؛ لأنه ليس له أن يضعفه حتى يستوفي الأول فإن عجز قبل قبض الثاني شيئا قيل للأول‏:‏ إن شئت فرد لشريكك نصف ما عندكم من الزائد ويكون بينهما وإن قبض أكثر مما قبض وإن قبض الزيادة التي زادها فعليه رد نصف الزيادة، قال‏:‏ والقياس أن تختص بها؛ لأنها ثمن لذلك التأخير، قال‏:‏ وأما قول ابن المواز‏:‏ ليس له أن يضعفه حتى يستوفي الأول فغلط؛ لأن الثاني أخره عن الأجل فكيف يقبض الثاني قبل الأول، وإن أخذ الأول نصيبه وهو عشرون فمات المكاتب عن غير شيء فلا رجوع للثاني عن الأول، فإن خلف ما لا حل عليه بالموت وما فضل بينهما نصفان، وإن لم يأخذ الأول شيئا فما خلف بينهما أسباعا، والفاضل عن الحقين بينهما نصفان بخلاف المعتق، فإن التركة للمتمسك بالرق، وإذا عجل المكاتب قبل الحلول نصيب أحدكما من الكتابة فرضي الآخر‏:‏ قال ابن القاسم‏:‏ هو كالقطاعة، إن شاء تمسك بما قبض وله نصف العبد، وقيل‏:‏ سلف من العبد فله الرجوع على شريكه فكلما عجز عن نجم رجع بقدره، فإن عجز ورق لم يرجع إلا على النجوم؛ لأنه رضي‏.‏

الثاني‏:‏ تمتنع كتابة المأذون وعتقه إلا بإذن سيده؛ لأنه محجور عليه إلا في المتجر الذي أذن له فيه فإن فعل بإذنه وعلى المأذون دين يغترق ماله امتنع إلا

بإذن الغرماء؛ لأن ما لهم وكتابته نوع من العتق إلا أن يكون في ثمن الكتابة إن بيعت كفاف الدين، أو لقيمة الرقبة فتباع الكتابة للغرماء فيعجل بها إن شاء، وكذلك المديان الحر يكاتب، قال ابن يونس‏:‏ الفرق بين المأذون وبين الوصي يكاتب عبد من يلي عليه‏:‏ أن الوصي أقيم مقام الأب، والمأذون لم يقم مقام السيد، بل أذن له في المتجر، وسوى أشهب بينهما وبين المكاتب تغليبا للتجارة، ومنع مقال الغرماء، وجوز مكاتبة الحر المديان من غير محاباة وإن كره الغرماء، واختلف في المريض فعكسا قوليهما، ومنعها سحنون فإن كاتب المديان وعلى العبد جناية قبل الكتابة فقيم عليه، فقال العبد‏:‏ أودي عقل الجناية والدين، وأثبت على الكتابة، قال مالك‏:‏ ذلك له، قال أبو عمران الفاسي‏:‏ ويحاسب سيده في الكتابة ولم يكن للمكاتب منه شيء بل تباع كتابته بالدين، ولا يحاسب بالجناية؛ لأنها لو طرأت لم يكن على السيد منها شيء، ويقوم بها المكاتب أو يعجز، قال ابن القاسم‏:‏ إن كاتبها المديان فولدت من غيره فللغرماء فسخ الكتابة، ويرقها الدين وولدها إلا أن يكون في ثمن الكتابة إن بيعت مثل الدين أو قيمة رقبتها فتباع الكتابة فإن فلس السيد بدين لحقه بعد بيعت الكتابة ولا شيء للغرماء غير الكتابة وإن كثر الدين‏.‏

الثالث‏:‏ في الكتاب‏:‏ للوصي عند الموصى عليه على وجه النظر، ويمتنع عتقه على مال؛ لإمكان الانتزاع، ويجوز من الأجنبي على عتقه كبيعه إن كان نظراء، وللأب مكاتبة مدبر ابنه نظرا له كما يبيع ويشتري له نظرا ويعتق عبد ابنه الصغير والأب ملي، وإلا لم يجز، قال غيره‏:‏ إلا إن تيسر قبل النظر في ذلك فيتم عتقه، ويقوم عليه، قال ابن يونس‏:‏ قال مالك‏:‏ وإن لم يكن الأب موسرا يوم أعتق فرفع للحاكم رد عتقه إلا أن يتطاول زمانه، وتجوز شهادته، ويتزوج

الأحرار فيتبع بقيمته، وأما الكبير الخارج عن ولايته فيرد عتقه لعبده كالأجنبي، قال محمد‏:‏ وإن أعتق عبد ابنه الصغير عن الابن امتنع، وإنما يلزمه ويقوم عليه إذا أعتقه عن نفسه، وقاله ‏(‏ش‏)‏ و‏(‏ح‏)‏‏:‏ لا تجوز مكاتبة الأب والوصي‏.‏ لنا‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏(‏أوفوا بالعقود‏)‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏(‏ولا تبطلوا أعمالكم‏)‏ وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏وإنما لكل امرئ ما نوى‏)‏ وهما قد نويا الكتابة، ولأن لهما البيع، وهما في معنى البيع‏.‏ احتجوا‏:‏ بأنها عتق بغير غوص لأن لها أخذ اليسير بغير عتق، ولأن فيها تغريرا بمال الصبي، لأن المكاتب يجوز ماله فقد يتلف ويعجز، والجواب‏:‏ أن النظر قد يؤدي إلى ذلك فإن يخف آفاته، كما له بيعه بالثمن في الكتابة أضعاف قيمته‏.‏

الرابع‏:‏ في الكتاب‏:‏ يمتنع مكاتبتك شقصا لك بإذن شريكك أو بغير إذنه للذريعة إلى عتق النصيب بغير تقويم، ويفسخ ويرد ما أخذت فيكون بينكما مع رقبة العبد قبضت الكتابة كلها أو بعضها، قال غيره‏:‏ إنما يكون ذلك بينكما إذا اجتمعتما قسمة، ومن طلب رد العبد فذلك له؛ لأن مال العبد المشترك لا يأخذ أحدكما منه شيئا إلا بإذن صاحبه، ولا ينزع ماله حتى يجتمعا، وإن كاتبت حصتك ثم كاتب الآخر حصته ولم يتساويا امتنع ذلك إذا لم يكاتباه جميعا كتابة واحدة، كاتبتماه على مال متفق أو مختلف؛ لأن كل واحد يقتضي دون الآخر، قال غيره‏:‏ إن تساويا في الأجل والمال جاز ذلك، وأما إن أعتق هذا أو

دبر، ثم فعل الآخر مثله ولم يعلم صاحبه جاز، قال ابن يونس‏:‏ وقيل‏:‏ إن كاتبه إلى سنتين بمائتين، والآخر بمائة إلى سنة فإن حطه صاحب المائتين مائة وخيره بمائة إلى سنة جاز وكأنهما كاتباه معا، وإن أبق‏:‏ قيل للمكاتب‏:‏ أترضى أن تزيد صاحب المائة مائة وتؤجلها إلى سنة ليتفق الأداء‏؟‏ فإن فعل جاز، وإلا فسخت الكتابة، قال اللخمي‏:‏ إن اتفقت في القدر والنجوم والعقد مفترق امتنع فإن وقع قال ابن القاسم‏:‏ يفسخ وأمضاها غيره، وأبطل الشرط، ويكون الاقتضاء واحدا، وإذا فسدت ولم يعلم حتى أدى نجما أو صدرا من الكتابة ففي الفسخ قولان ويسقط الشرط إن أمضيت، وإن أدى الجميع عتق قولا واحدا، وقاله ‏(‏ش‏)‏ الفوت إن كان الفساد بإمكان الافتراق في الاتصال، واختلاف النجوم، أما اختلاف الأداء‏:‏ فإن أخذ أحدهما مائة والآخر مائتين فالفسخ باق إلا أن يسمي العبد الآخر مائة، أو يرضى السيد أن تكون الدنانير والعروض بينهما، وإن كاتبه على مائة إلى سنة والآخر على مائة إلى سنة، والثاني بمائة إلى سنة فسخت، فإن أدى نجما أو صخرا فإن رضي من له الفضل والعبد بلحوق الأعلى أو رضيا بأن يكون الاقتضاء واحدا مضت الكتابة، وإلا مضت على أحد الأقوال ويكون اقتضاؤهما واحدا، ويفسخ على القول الآخر ما لم يؤد تجما أو صدرا وإن كاتب نصيبه وحده ففي الكتاب‏:‏ يفسخ، وعنه يحلف السيد ما علم أنه يعتق عليه إذا أدى فإن حلف لم يقوم عليه وإلا قوم، وظاهر قوله‏:‏ إنه لا يرد عتق ذلك النصيب؛ لأنه لم يقل‏:‏ إن حلف رد عتق النصيب الذي أدى، ويختلف على هذا إذا لم يكن فيه شرك ففي المدونة‏:‏ يرق ما كوتب منه وإن أدى، وعلى القول الآخر‏:‏ يحلف، فإن نكل عتق كله إلا أن يكون عليه دين يغترق ما لم يكاتب منه فيمضي ما كاتب في نصفه، للخلاف أنها

بيع أو عتق فإن كان فيه شرك وفات بالأداء أو فات ما قبضه وهو معسر، والذي اقتضاه مثل ما ينوبه من مال كان بيده أو من خراجه مضى عتق ما كاتب منه؛ لأن الرد إما للاستكمال - وهو معسر - أو لحق الشريك فيما يأخذه، وهذا لم يأخذ فوق حقه إن كان من خراجه وإن لم يكن أذن، وإن كان من غير الخراج مضى إن كان بإذنه، فإن كان العبد معتقا نصفه جاز مكاتبه بقيته، ويختلف في كتابة نصف البقية فعلى القول بأنه ليس بزيادة فساد يجوز، وإن كان نصفه مدبرا جازت كتابة الآخر إذا كان يسعى في كتابته في يوم من لم يدبر، وإن كانت السعاية من مال بيده قسم فكان للمدبر نصيبه، ويسعى في اليوم والآخر للكتابة، وكذلك إذا أعتق الأول - وهو معسر - أو أولد؛ لأن المقال في قسمة المال للثاني، لأن بيعه بماله أفضل، قال ابن وهب‏:‏ إن أعتق أحدهم - وهو معسر - ودبر الآخر وكاتب الثالث يؤدي من ثلثي المال الذي في يده أو ثلثي ما يكسبه، ولا يؤدي من الجميع؛ لأن للمدبر أخذ ثلث ماله وخدمته‏.‏

الخامس‏:‏ في الكتاب‏:‏ إذا كاتب النصراني عبدا لنصراني جاز ولا يمنع من بيعه، ولا فسخ الكتابة؛ لأنه من المظالم، وإن كاتب مسلما ابتاعه أو كان عنده أو أسلم مكاتبه بيعت الكتابة من مسلم، فإن عجز رق لمشتري الكتابة أو أدى عتق، وولاء الذي كوتب - وهو مسلم - للمسلمين دون مسلمي ولد سيده، ولا يرجع إليه ولاؤه إن أسلم؛ لأن يوم العقد لم يكن ممكنا منه، وولاء من أسلم بعد الكتابة لمن يناسب سيده من المسلمين ولدا أو عصبة، لاستيلائه يوم العقد فإن تعذر فللمسلمين، فإن أسلم رجع إليه ولاؤه لتسويته له عند العقد؛ لأنه كان على دينه، وإن أسلمت أو ولد الذمي وقفت حتى يموت أو يسلم فيحل له لبقاء حق الوطء،

ثم رجع إلى أنها تعتق، ولا شيء عليها من سعاية ولا غيرها؛ لبطلان الوطء بإسلامها، وولاؤها للمسلمين إلا أن يسلم سيدها بعد عتقها عليه فيرجع إليه، وولاؤها له لثبوته له يوم الاستيلاد، فإن أولد أمته بعد أن أسلمت عتقت عليه، وولاؤها للمسلمين، ولا يرجع ولاؤها إن أسلم، قال ابن يونس‏:‏ قوله إلا أن يسلم، يريد‏:‏ فتلزمه كتابته وعتقه، وله في العتبية‏:‏ إن أسلم وبان عنه حتى صار كحال الأحرار فلا رجوع له فيه، وإن كان هو مختدمه على حاله فله الرجوع فلم يعتبر الإسلام إلا بالبينونة - عندنا - تمنع الرجوع وإن لم يسلم، وإلا فرق بين الكتابة والعتق، وظاهر المدونة‏:‏ أن الإسلام كاف؛ لأنه حكم بين مسلم وكافر، قال سحنون‏:‏ إن كاتبه بخمر فأسلم العبد بعد أداء نصفه، فعليه نصف قيمته نصفه عبدا قنا ونصف كتابة مثله في قوته على السعي، وكذلك إن أسلم السيد، قال ابن القاسم‏:‏ إن أسلم سيد أم الولد بعد إسلامها وقبل أن يعتق فهو أحق بها أم ولد له وإن طال ما بين إسلامهما، ما لم يقض به الإمام، وإن أولد أمته بعد أن أسلمت عتقت عليه وولاؤها للمسلمين لا يرجع إليه، قال اللخمي‏:‏ اختلف في الكتاب في فسخه للكتابة بنات على أنه من التظالم أم لا، قال‏:‏ وأرى إن كاتبه على ما يقارب الخراج فهو عتق، وبابها الهبات فله الرجوع أو على أكثر من الخراج بكثير فهو من باب البيع فيحكم عليه، وإذا أسلم المكاتب‏:‏ قال القاضي إسماعيل‏:‏ يباع عبد خلاف المدونة، قال‏:‏ وهو على ما تقدم إن كاتبه على أكثر من الخراج بالكثير بيع مكاتبا؛ لأنه لو لم يسلم منع من بيعه عبدا غير مكاتب، أو على نحو الخراج بيع مكاتبا على نحو عقد له، إلا أن يرجع في الكتابة فيباع عبدا‏.‏

السادس‏:‏ في الكتاب‏:‏ إذا كاتب المريض من قيمته أكثر من الثلث وامتنع الوارث من الإمضاء عتق مبلغ الثلث، فإن حاز الوارث الكبير قبل الموت لزمه ذلك بعده، كما لو أسقط الشفعة بعد الشراء وقبل الأخذ أو عفا عن القصاص

بعد الجرح، وإن قبض الكتابة في مرضه ولم يحاب ومات جاز كبيعه، ومحاباة في البيع في ثلثه، وتمتنع كتابة المديان من ناحية العتق بخلاف المريض، وقال غيره‏:‏ الكتابة في المريض من ناحية العتق بمحاباة أم لا، ويوقف بخدمة فإن مات والثلث يحمل جازت الكتابة، وللأخير الورثة في الإجارة أو بتل محمل الثلث فمنه بما في يديه من الكتابة، وإن كاتبه في صحته وأقر في مرضه بقبض الكتابة جاز، ولا يتهم إن ترك ولدا وإن ورث كلالة والثلث لا يحمله لم يصدق إلا ببينة، وإن حمله الثلث صدق؛ لأنه لو أعتقه جاز عتقه، وقال غيره‏:‏ إذا أقسم فالميل والمحاباة له لم يجز إقراره حمله الثلث أم لا، ولا يكون في الثلث إلا ما أريد به الثلث، وإن كاتبه في مرضه وأقر بقبض الكتابة في مرضه وحمله الثلث وعتق ورثته ولدا وكلالة، وإن لم يحمله الثلث خير ورثته في إمضاء كتابته أو عتق محمل الثلث، وقال غيره‏:‏ توقف نجومه؛ لأن الكتابة في المرض عتاقة من الثلث لا من ناحية البيع؛ لأن المؤدى من جنس الغلة، وإن كاتبه في المرض بألف وقيمته مائة، وأوصى بكتابته لرجل، وحمل الثلث رقبته جازت الكتابة، والوصية كالوصية بأن يخدم فلانا سنة ثم هو حر، وإن لم يحمله الثلث ولم يجز الورثة عتق منه محمل الثلث، وبطلت الوصية بالكتابة لتبدية العتق عليها، قال في النكت‏:‏ قال بعض شيوخنا‏:‏ إذا كاتبه في المرض وحابى وقبض الكتابة جعل في الثلث قيمة الرقبة كلها بخلاف محاباته في البيع تعجل المحاباة خاصة؛ لأن الكتابة في المرض عتق، وإذا حابى والثلث يحمل رقبته جاز، ولا يغرم في النجوم المقبوضة، ولا يضاف للمال الميتة، وإن لم يحمله الثلث ردت النجوم المقبوضة ليد العبد وأعتق منه بماله محمل الثلث؛ لأن الثلث إذا حمل

أخذ المال الورثة فلا يكثر مال الميت الميت به، قال بعضهم فيما إذا كاتب في الصحة وأقر في المرض بقبض الكتابة والثلث يحمله‏:‏ إنما يصح إذا كان الثلث لم يؤمر فيه بشيء وإلا فمراده‏:‏ تنفيذ وصاياه، ويخرج العبد من رأس ماله فهو كالقائل‏:‏ أعتقت عبدي في صحتي فلا يعتق، وقيل‏:‏ سواء أوصى أم لا يجوز إقراره إذا كانت وصاياه يقدم عليها هذا العبد‏.‏ قال اللخمي‏:‏ إن كانت كتابة المريض بمثل الخراج فهي من ناحية العتق؛ لأنه وإن لم يحابه لا يقدر على أكثر من ذلك، وله أخذ ذلك من غير كتابة، وأكثر من الخراج بالأمر البين فهي مبايعة، وينظر هل فيها محاباة أم لا على المجنون، أو لأنه أحد طرفي العقد فلا يصح من الصبي كالطرف الآخر‏.‏

والجواب عن الأول‏:‏ أن أدلة الكتابة خاصة وآية البيع عامة فيقدم الخاص‏.‏

وعن الثاني‏:‏ أن المسألة مبينة على إجبار العبد فتكون المكاتبة كالمعاقبة لا تفتقر إلى تكرر الفعل من عاقبة اللص وطارقة الفعل، مع أن تكرر الفعل أن يفعل كل واحد مثل فعل الآخر، وهذا منفي إجماعا وإلا لزم أن كل واحد منهما يوجب ويقبل ويستحق العرض وهذا محال‏.‏

وعن الثالث‏:‏ أن كتابة المجنون عندنا جائزة على كراهة قاله ابن القصار تخريجا على رواية البحر، وقد يتصدق عليه بالأداء‏.‏ وفي الجواهر‏:‏ إذا فرعنا على قول أشهب في منع كتابة الصغير فعنه‏:‏ حده‏:‏ عشر سنين؛ لأنه حد الضرب على الصلاة، والتفريق في القوة على العمل، لم يكره ‏(‏ش‏)‏ كتابة الأمة غير المكتسبة‏.‏ لنا‏:‏ ما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال‏:‏ لا تكلفوا الأمة الكسب؛ فإنها تكسب بفرجها‏.‏ وروي مرفوعا‏.‏

الثاني‏:‏ في الكتاب‏:‏ تمتنع كتابة بعض عبده، وإن أدى لم يعتق منه شيء ككتابة شقصه؛ لأنه ذريعة إلى عدم استكمال العتق بالتقويم‏.‏

الثالث‏:‏ في الجلاب‏:‏ لا تكاتب أم الولد وتفسخ إن أدركت قبل فوتها، فإن فاتت بالأداء عتقت، ولا ترجع على السيد بما أدت، قال الأبهري واللخمي‏:‏ أصل مالك‏:‏ جواز إجارتها برضاها، وإذا جاز ذلك جازت الكتابة برضاها، وأولى بالجواز بمصلحة العتق، قال بعض الفقهاء‏:‏ ينبغي إذا كاتبها في مرضه أن يرجع على بركته إذا مات من ذلك المرض ويكاتب المدبرة، وإن مات قبل الأداء عتقت في الثلث وسقطت الكتابة، وإلا عتق ثلثها‏.‏

الركن الرابع‏:‏ العبد المكاتب، وفي الجواهر‏:‏ له شرطان‏:‏ قدرته على الأداء، واختلف في الصغير إذا لم يكن له مال ومكاتبة العبد كله إلا من نصفه حر فتجوز مكاتبة بعضه؛ لحصول الاستقلال، أما الأول فليحصل مقصود العقد، وأما الثاني‏:‏ فلأنه ذريعة لعقد من غير تقويم‏.‏

وفي الركن أربعة فروع‏:‏

الأول‏:‏ في الكتاب‏:‏ يجوز كتابة الصغير ومن لا حرفة له وإن كان يسأل، وقال غيره‏:‏ يمتنع إلا أن يفوت بالأداء أو يكون بيده ما يؤدي عنه فيؤخذ من يده، ولا يترك له فيتلفه ويرجع رقيقا، وكره كتابة الأمة لا صنعة بيدها، ولا لها عمل معروف، قال ابن القصار‏:‏ منع مالك كتابة الصغير، وعنه إجازتها‏.‏ لنا‏:‏ على اختلافه هل يكون إسلامه إسلاما أم لا‏؟‏ وعلى الروايتين في إجبار السيد عبده على الكتاب، فعلى الإجبار تصح كتابة الصغير؛ لأنه لا يحتاج إلى قبوله، وعلى عدم الإجبار لا يكاتب إلا بالغا عاقلا، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ يجبر المراهق كإحدى

الروايتين عن مالك في أن إسلامه إسلام، ومنع الشافعي إلا من بالغ عاقل‏.‏ لنا‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏(‏أوفوا بالعقود‏)‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏(‏ولا تبطلوا أعمالكم‏)‏ وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى‏)‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏(‏فكاتبوهم‏)‏ والقياس على التدبير والعتق إلى أجل وعلى الشرط، احتجوا على جواز بيعه بقوله تعالى‏:‏ ‏(‏وأحل الله البيع‏)‏ ويجب الوفاء لعقد البيع لما ذكرتم من النصوص، ولأن قوله‏:‏ ‏(‏فكاتبوهم‏)‏ يقتضي المفاعلة من الجانبين كالمحاصة ونحوها، والصبي لا يصلح لذلك قياسا وسقط ثلثا الكتابة‏.‏

الرابع‏:‏ في الجواهر‏:‏ فاسد الكتابة يساوي ما اجتمعت شروطه في أنه يحصل العين بالأداء، ويفارقه في أنه إذا أخذ ما علق به العتق رده إن كان مما لا يصح تملكه كالخمر، ورجع على العبد بالقيمة لفساد العوض‏.‏